لمدة ١٤٥ يوماً، وأخيراً استسلموا بشروط مشرفة، منها أن يغادر الفرسان وجنودهم الجزيرة في أمان، كما يكون، في مدى عشرة أيام، للسكان الباقين الحرية الدينية الكاملة, مع إعفائهم من الجزية لمدة خمس سنوات، وفي يوم عيد الميلاد طلب سليمان أن يرى فيليب، فواساه وامتدح دفاعه الباسل ونفحه هدايا ثمينة، كما أبدى السلطان لوزيره إبراهيم:"أنه أسف أشد الأسف لاضطراره إلى إرغام هذا المسيحي على أن يغادر في شيخوخته وطنه وممتلكاته (٢٠). وفي أول يناير ١٥٢٣ أبحر فرسان القديس يوحنا إلى جزيرة كريت، ثم غادروها بعد ثماني سنين إلى وطن أكثر دواماً في مالطة. ولطخ سليمان انتصاره بإعدام ابن الأمير جم وحفيدة الأطفال لنهم اعتنقوا المسيحية، وقد يستخدمون، كما استخدم جم، في المطالبة بالعرش العثماني.
وفي أوائل سنة ١٥٢٥، تلقى السلطان سليمان كتاباً من فرانسوا الأول، كما استقبل أسيراً من لدن شارل الخامس، يطلبان منه مهاجمة المجر، والإسراع إلى نجدة ملك فرنسا. فأجاب السلطان: "إن جوادنا مسرج، وسيفنا معلق به" (٢١). إنه على أية حال كان عازماً على غزو المجر منذ زمن طويل. فسار في أبريل ١٥٢٦ بجيش قوامه مائة ألف رجل وثلاثمائة مدفع. وحث البابا كليمنت السابع الحكام المسيحيين ليهبوا لمساعدة الدولة المهددة، على حين نصح لوثر الأمراء البروتستانت أن يلزموا أوطانهم. لأن من الواضح أن الأتراك زوار من عند الله، ومقاومتهم هي بمثابة مقاومة الله (٢٢). وبقي شارل الخامس في أسبانيا. وكان من نتيجة ذلك هزيمة أدبية ومادية في وقت معاً، وكان من الممكن استرداد المجر لو تعاون الكاثوليك والبروتستانت، والإمبراطور والبابا في العمل معاً. ولكن الزعماء اللوثريين ابتهجوا بفوز الأتراك. ونهب جيش الإمبراطور رومة.
وفي ١٥٢٩ عاد سليمان فحاصر فيينا بمائتي ألف رجل. ومن برج