سانت ستيفن استطاع كونت نيقولا فون سالم الذي عهد إليه فرديناند بالدفاع عن المدينة - أن يرى السهول والتلال المحيطة بها مغطاة بخيام العثمانيين وجندهم وأسلحتهم. وفي هذه المرة دعا لوثر أتباعه ليشاركوا في المقاومة، لأن من الواضح أنه إذا سقطت فيينا، ستكون ألمانيا هي الهدف الثاني لهجوم العثمانيين. وذاعت الأنباء في كل أنحاء أوربا أن سليمان أقسم أن يخضع كل أوربا للعقيدة الوحيدة الصحيحة وهي الإسلام. وشق مهندسو الألغام الأتراك الخنادق، الواحد بعد الآخر، على أمل نسف الأسوار أو إحداث الانفجارات داخل المدينة، ولكن المدافعين وضعوا أوعية من الماء في مواطن الخطر (٢٣)، وراقبوا الحركات التي قد تدل على العمليات الخفية تحت الأرض. وأقبل الشتاء وعجز خط مواصلات الأتراك الطويل عن توفير المؤن. وفي ١٤ أكتوبر أهاب السلطان برجاله أن يبذلوا محاولة أخيرة حاسمة. ووعد بجوائز ومكافآت سخية، ولكن الأرواح والأجسام معاً كانت كارهة غير راغبة، وصد الهجوم مع خسائر فادحة، وأمر سليمان بالتقهقر، وقد ملأه الحزن. وكانت أول هزيمة يلقاها، ولو أنه احتفظ بنصف المجر، وحمل معه إلى القسطنطينية تاج سانت ستيفن، وفسر سليمان لشعبه أنه عاد دون أن ينتصر لأن فرديناند (الذي قبع طيلة الحصار آمناً في براج) كان قد رفض أن يحارب، ووعد السلطان بأنه قريباً جداً سوف يصيد شارل ذاته، الذي تجاسر على أن يسمى نفسه إمبراطوراً، وينتزع منه بالقوة السيادة على الغرب.
ونظر الغرب إلى السلطان ووعيده بعين الجد، وساد الذعر روما. وفرض البابا كليمنت السابع، الذي كان وطيد العزم لأول مرة، الضرائب حتى على الكرادلة، لتوفير المال اللازم لتحصين أنكونا وسائر الثغور التي يمكن أن يدخل منها العثمانيون إلى إيطاليا.
وفي أول أبريل ١٥٣٢ تقدم سليمان نحو الغرب مرة أخرى. وكانت