ترى بعضهم، مثل "كابر" و "فيمانا" يدافعون عن نوع من العقيدة في الله متحلل من كثير جداً من القيود، فقد كتب "فيمانا"- وهو شاعر ظهر في جنوبي الهند في القرن السابع عشر- بروح السخرية من الرهبان الزاهدين ومن حجاج المعابد، ونظام الطبقات؛ يقول:
"عزلة الكلب، تأمل الكركيّ، ترتيل الحمار، استحمام الضفدعة" … كيف تكون أحسن حالاً إذا لطخت جسمك بالرماد؟ إنه ينبغي أن تركز فكرك في الله وحده، أما عن بقية ما تصنعه، فالحمار في وسعه أن يتمرغ في الوسخ كما تفعل … إن كتب "الفيدا" أشبه ما تكون بالفاجرات اللائي يخدعن الرجال وليس لهن أغوار تسبر؛ وأما علم الله الخبئ فهو شبيه بالزوجة الشريفة … أيمكن لتلطيخ الجسم بالرماد الأبيض أن يذهب برائحة وعاء الخمر؟ أيمكن؟ لحبل تلفه حول عنقك أن يجعل منك إنساناً آخر؟ … لماذا نرى واجباً علينا أن نسيء إلى طبقة الباريا إساءة لا تنقطع؟ أليس المنبوذ مثلنا في لحمه ودمه؟ ومن أي طبقة عسى أن يكون الإله الذي يحل جسد البراريا؟ … إن من يقول "إني لا أعلم شيئاً" هو أبلغ الناس حكمه (٨٠).
وإنه لمما يجدر ملاحظته في هذا الصدد أن تذاع أقوال كهذه بغير مؤاخذة قائليها، في مجتمع تتحكم في عقوله طبقة من الكهان؛ فلوا استثنينا كبح الحكم الأجنبي للهنود (بل ربما جاز أن نقول أنه بسبب وجود الحكام الأجانب الذين لم يكونوا يأبهون للعقائد الدينية الأهلية) فقد تمتعت الهند بقدر من حرية الفكر أعظم جداً مما تمتعت به أوربا في عصورها الوسطى، وهي الفترة التي تقابلها مدنية الهند؛ ولقد باشر البراهمة نفوذهم في تدبر ورفق؛ وكان اعتمادهم في صيانة العقيدة الأصلية على الفقراء وما يتصفون به من جمود على القديم؛ وكان هؤلاء الفقراء في ذلك عند حسن ظن البراهمة بهم؛ فإذا ما شاعت في الناس ضروب في الزندقة أو الآلهة الغريبة شيوعاً يعد خطراً على العقيدة، تسامح البراهمة إزاءها حتى يمتصوها امتصاصاً في ذلك الغور