للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرائع أمام أعينهم- أمراء مديتشى في فلورنسه،

إستنسى في فيرارا، جنزاجو في منتوا، حذوا إلى

حد كبير حذو البابوات. إن اليهود، ولو أنهم قد

أزعجتهم بين الحين والحين فترات من العنف

أو التعصب- مثال ذلك عندما سيطر سافونا رولا

على فلورنسه ١٤٩٧ - امتزجوا بجيرانهم وشاركوهم

حياتهم، بدرجة لا يكاد يكون لها مثيل من قبل.

وقاموا بنصيب ممتاز في جوانب معينة في النهضة …

عكسوها في حياتهم هم أنفسهم وفي أنشطتهم الأدبية

باللغة العبرية، وأسهموا بإضافات هامة في الفلسفة

والموسيقى والمسرح. وكانوا شخصيات حبيبة

في بلاط كثير من المراء الإيطاليين (١٣).

إن بعضاً من الشخصيات التي كانت يوماً مشهورة لتكشف لنا عن هذه الفترة المشرقة في العلاقات بين المسيحيين واليهود. ولد إمانويل بن سولومون الحارومي (الرومي) وفي نفس السنة التي ولد فيها دانتي (١٢٦٥) وأصبح صديقاً له، وكان رجلاً من رجال النهضة قدر ما يستطيع يهودي مخلص أن يكونه. وكان يحترف الطب، كما كان واعظاً، وعالماً دينياً، وعالماً من علماء النحو، ومن المشتغلين بالعلوم، ومن أصحاب المال والأعمال، وشاعراً، و "مؤلفاً لأغان ماجنة كثيراً ما جاوزت حدود الحشمة" (١٤). ولما كان يتقن العبرية كل الإتقان: فإنه أدخل إلى هذه اللغة المقطوعة الشعرية ذات الأربعة عشر بيتاً ( Sonnet) وكاد ينافس الإيطاليين في الفصاحة والسلاسة والروح، ولم يظهر أي شاعر يهودي قط قبل "هين" مثل ما أظهر إمانويل من موهبة الهجاء والروعة والذكاء. وربما كان إمانويل قد تشرب بعض مبادئ مذهب ابن رشد في الشك،