الذي ساد في ذاك العصر، فإن إحدى قصائده تعبر عن نفوره من السموات بما فيها من أناس أطهار (ذهب إلى أن النساء الدميمات الخلقة هن فقط الفضليات)، وعن إيثاره للجحيم، حيث توقع أن يجد فيها أكثر الجميلات إغراء في كل الأزمان. وألف في شيخوخته قصيدة ضعيفة يقلد فيها دانتي في "السماء والجنة". ولم يكن ثمة في اليهودية مطهر، مثلها في ذلك مثل المذهب البروتستانتي. وكان إمانويل أكرم من دانتي، فأفسح في الجنة مجالاً لكل "الأبرار في العالم بأسره"(١٥)، متبعاً في ذلك نهج تقاليد أحبار اليهود. على أنه أدخل أرسطو إلى الجحيم لأنه انتهى إلى خلود الكون.
وثمة روح مرح جذل شبيهة بهذا الذي أسلفنا، أضفت سلاسة وحيوية على كتابات كالونيموس بن كالونيموس، وشاهد روبرت ملك نابلى في إحدى زياراته لبرفانس هذا العالم الصغير ذا الاسم الجميل، وأخذه معه إلى إيطاليا. وكان كالونيموس في البداية متفرغاً إلى العلوم والفلسفة، وترجم أرسطو وأرشميدس وبطليموس وجالن والفارابي وابن رشد إلى العبرية، وكتب بروح أخلاقية عالية. ولكنه وجد أنه من اليسير عليه أن يتمثل طباع المرح والبهجة في نابولي ويتشربها. فلما انتقل إلى رومه أصبح هوراس اليهود (شاعر روماني في القرن الأول ق. م) يهجو هجاء لطيفاً أخطاء المسيحيين واليهود وأخطاءه هو نفسه، ونقاط الضعف فيهم وفي شخصه. وندب حظه لأنه ولد رجلاً، فإنه لو كان امرأة، لما كان عليه أن يطيل التنقيب والتفكير في التوراة والتلمود ويحفظ مبادئ القانون البالغ عددها ٦١٣. وسخرت روحه المرحة من التلمود. وتوحي الشعبية التي حظي بها هجاؤه لدى اليهود الرومان بأنهم لم يكونوا أنقياء متدينين بالقدر الذي كان عليه أخوانهم الأكثر شقاء في سائر البلاد.
ولم تحي النهضة الدراسات اليونانية فحسب بل العبرية كذلك. ودعا الكاردينال أجديو دي فيتربو العالم اليهودي إيليا لفيتا من ألمانيا إلى رومة