الأسود انتقل عدد أكبر من الألمان إلى بولندة، ورحبت بهم هناك الأرستقراطية الحاكمة، بوصفهم خميرة تقدمية اقتصادية في أمة لازالت تفتقر إلى طبقة وسطى. وثبت كازيمير الثالث الأكبر (١٣٣٣ - ١٣٧٠) حقوق اليهود البولنديين ووسعها، وضمن الدوق الأعظم فيتوفست Vitovst هذه الحقوق ليهود لتوانيا. ولكن في ١٤٠٧، أبلغ أحد الكهنة شعب الكنيسة في كراكاو أن اليهود قد قتلوا طفلاً مسيحياً، وأخذوا يمتعون أنظارهم بدمه. وحرض هذا الاتهام على وقوع المذابح. وجدد كازيمير الرابع حريات اليهود وزاد فيها (١٤٤٧)، وقال:"نريد أن يشعر اليهود الذين نرغب في أن نحميهم من أجل مصلحتنا، ومصلحة خزانة الدولة- أن يشعروا بالراحة في ظل حكمنا الخير"(١٨). واتهم رجال الدين الملك، وأنذره أولسنيكى رئيس الأساقفة بسوء المصير في الجحيم، وألقى يوحنا كابسترانو، الذي جاء إلى بولندة ممثلاً للبابا، خطباً ملتهبة مثيرة في سوق بلدة كراكاو (١٤٥٣)، ولما هزم الملك في الحرب ارتفعت الصيحات بأن عقاب الله قد نزل به لمساندته الكفار. ومذ كان في حاجة إلى تأييد رجال الدين للدخول في حرب أخرى، فإنه ألغى صك حريات اليهود. ووقعت المذابح المنظمة في ١٤٦٣، ١٤٩٤، وربما كان لمنع هذه الهجمات أن طلب إلى يهود كراكاو بعد ذلك أن يقطنوا ضاحية "كازيمييريه".
وفي تلك الضاحية وفي غيرها من المراكز في بولندة ولتوانيا، زاد اليهود عدداً وازدهاراً بعد أن ذللوا كل العقبات، وفي عهد سجسمند الأول أعيدت لهم حرياتهم فيما عدا حرية الإقامة. وظلوا على علاقة طيبة مع سجسمند. وفي ١٥٥٦ اتهم ثلاثة من اليهود في بلدة سوخاشيف، بطعن "القربان المكرس" حتى أدمى، وأعلنوا براءتهم، ولكنهم أعدموا حرقاً بأمر من أسقف خلم Khelm. واستنكر سجسمند الثاني هذه العملية على أنها "أكذوبة دينية" قصد بها أن يثبت لليهود والبروتستانت أن الخبز المقدس كان قد تحول