من المؤلفات التي تنقل القبالة أي "التقاليد السرية" لليهود الذين وجدوا أن أماناً من الفقر والاضطهاد والاضطراب العقلي في التأمل في الرموز الخفية الدينية للأرقام والحروف والقراءة العكسية للألفاظ والاسم الذي يفوق الوصف للرب، وهكذا. وتجمع اليهود المحزونون في حلقات خاصة يلتمسون، بالصوم والبكاء وبالتقشف الصارم وبتفسير القبالة، أن ينزل عليهم وحي جديد، فيما يتعلق، فوق كل شيء، بمجيء "المخلص" الذي قد يخلص إسرائيل من كل أحزانها.
إن الذين حاولوا أن يستشعروا العمق الذي لم يسبق له مثيل للآلام التي عاناها اليهود في القرن الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر، يمكنهم أن يدركوا مثل هذا اللجوء - الذي يمكن أن يغتفر، إلى التصوف الذي يجدون فيه السلوى والعزاء، وخداع النفس المتكرر الذي يلجأ إليه هؤلاء اليهود البائسون، باعتقادهم أن "المخلص" كان قد جاء بالفعل. وفي ١٥٢٤ امتطى شاب يهودي عربي وسيم أطلق على نفسه اسم داود روبيني، جواداً أبيض عبر شوارع رومه إلى الفاتيكان، وقدم نفسه إلى البابا كليمنت السابع على أنه شقيق ورسول ملك يهودي قال إنه يحكم في بلاد العرب قبيلة يهودية قديمة تدعى قبيلة روبين. وقال داود إن مليكه لديه ٣٠٠. ٠٠٠ جندي غير كاملي العتاد، وإذا أمدهم البابا وأمراء أوربا بالسلاح، فإن القبيلة تستطيع عندئذ أن تطرد المسلمين من فلسطين. واهتم كليمنت بالأمر وعامل بالحفاوة التي تليق بمقامه بوصفه سفيراً. وسر يهود روما أن يروا يهودياً يلقى مثل هذا التكريم. وأمدوه بكل ما يحافظ به على صفته الدبلوماسية السامية. ولما تلقى دعوة من جون الثالث ملك البرتغال أبحر مع حاشية كبيرة على سفينة تحمل العلم اليهودي.
وسحر جون بمقترحات داود إلى حد أنه أوقف اضطهاد المنتصرين وجن من الفرح جنون يهود البرتغال الذين عمد معظمهم ضد إرادتهم،