الذي كان قد تغذى بلبان "المحافظة" عند سليمان بن أدريت، وقد ولد كرسكاس ١٣٤٠ في برشلونه، وعاش في فترة اتسمت بالعداء الشديد للسامية، وقبض عليه بتهمة تدنيس القربان، وما لبث أن أطلق سراحه، ولكن ابنه قتل، وهو على وشك الزواج في مذابح ١٣٩١. وقوى الاضطهاد من عقيدة حسداي، لأنه بفضلي الإيمان بإله عادل وسماء تعوض عن كل أذى وشر، استطاع أن يحتمل ممتلئة بالجور والآلام. وبعد انقضاء سبع سنوات على استشهاد ابنه، نشر بالأسبانية رسالة حاول فيها أن يفسر للمسيحيين لماذا ينبغي ألا يطلب إلى يهودي أن يتقبل المسيحية. وحاول في كياسة واعتدال أن يدلل على أن مبادئ المسيحية في الخطيئة والتثليث والحبل بلا دنس والتجسد والكفارة وتحول دم القربان إلى دم المسيح ولحمه، تنطوي على تناقضات لا يمكن تجاوزها واستحالات سخيفة مضحكة. ومع ذلك فإنه حين كتب مؤله العظيم "نور الرب"(١٤١٠) اتخذ فيه موقفاً كان يمكن أن يدافع المسيحيون من خلاله عن هذه النظريات: ذلك أنه أنكر العقل وألح في إخضاعه للإيمان حسداي حبراً رسمياً ولكنه شارك الأحبار رأيهم بأن الاضطهادات المتكررة كانت عقاباً إلهياً لتعريض الديانة التي جاءت عن طريق الوحي لخلخة عقلانية. وإذا كان قد كتب في الفلسفة، فلم يكن ذلك إعجاباً منه بها، بل لإثبات ضعف الفلسفة والعقل، وتوكيد الحاجة إلى الإيمان والعقيدة. وأنكر محاولات ابن ميمون وجرسون في التوفيق بين اليهودية وأرسطو، وتساءل: من هو ذلك الإغريقي الذي كان على الرب أن يتفق معه؟ واعترض على فكرة أرسطو بأن أسمى صفات الله هي المعرفة، بل هي الحب على الأرجح، لأن الله هو الخير المطلق. وسلم كرسكاس بأن العقل لا يستطيع أن يوفق بين سابق علم الله وحرية الإنسان، ومن ثم يجب ألا نرفض الحرية