بل نرفض العقل. وينبغي أن نؤمن بالله، وبالإرادة الحرة والخلود، من أجل طمأنينة نفوسنا وهدوء بالنا وسلامة معنوياتنا، وليس بنا من حاجة إلى الادعاء بإثبات هذه المعتقدات عن طريق العقل. ويجب أن نختار بين عقلنا الفخور الضعيف الذي يزعزع الإيمان ويورث اليأس، وبين إيماننا المتواضع بكلمة الله، التي يمكن عن طريقها وحدها أن نحتمل ألوان المهانة والظلم في الحياة.
وكان كرسكاس آخر هذه الصفوة اللامعة من فلاسفة اليهود في العصور الوسطى، ولم يقدره قومه حق قدره بين عشية أو ضحاها، لأن تلميذه يوسف ألبو أنظار قراء الفلسفة بكتابه الأكثر إمتاعاً "المبادئ الأساسية"، الذي جمع بين ابن ميمون وكرسكاس عن طريق الانتقاء، مما جعله أكثر انسجاماً من أي من الرجلين، مع اليهودية الصحيحة التي لم تكن مستعدة للتسليم بعدم عقلانية الإيمان. وبعد موت ألبو اعتزل اليهود الفلسفة، والتاريخ تقريباً، حتى جاء سبيبوزا. إن المذابح، والاضطرابات، والفقر المدقع، وقيود الإقامة والمناصب، كانت قد حطمت روحهم وأنقصت عددهم إلى أدنى مستوى منذ سقوط أورشليم سنة ٧٠م (٨٥). ووجد الشعب المحتقر المنبوذ له ملجأ في الأغاني الحزينة، وفي رفاق المعبد المواسين، يراودهم الأمل في مغفرة من عند الله، وفي معذرة من أهل الأرض، وفي الجنة التي في السماء. وعكف العلماء بكليتهم على التلمود، وحصروا تفكيرهم في شرح قانون الخلاص، على حين اتبع بعضهم تعاليم "القبالة" فانصرفوا إلى التصوف الذي سما بالبؤس إلى