عليه بعد إخفاق ثورة الفلاحين، أنقذته من حبل المشنقة شهادة بأنه لم يحمل سلاحاً قط، ولكنه نفي من سالزبورج، فغادرها على عجل.
وفي عام ١٥٢٧ كان في ستراسبورج يمارس الجراحة ويحاضر الحلاقين الصحيين، وكان تعليمه لهم مزيجاً مهوشاً من المعقول وغير المعقول، ومن السحر والطب-ولو أن الله وحده يعلم كيف سيصف المستقبل بقينياتنا الحاضرة. وقد رفض التنجيم، ثم سلم به، وكان يأبى أن يحقن مريضاً بحقنة شرجية ما لم يكن القمر في تربيعه الصحيح. وكان يسخر من عصا الكهانة، ولكنه زعم أنه أحال المعادن ذهباً (٧٥). وإذ كان-كأجريبا في شبابه-يحدوه تعطش للمعرفة فقد بحث في شوق عن "حجر الفلاسفة"-أي عن صيغة عامة تفسر الكون. وكتب في سذاجة المصدق عن الأقزام الخرافية، وسلامندر الأسبستوس، و "الإرشادات"، وهي علاج الأعضاء المريضة بعقاقير شبيهة بها لوناً وشكلاً. ولم يستنكف من استخدام التعاويذ والتمائم السحرية علاجاً (٧٦) -ربما بوصفها طباً إيحائياً.
ولكن هذا الرجل نفسه، الذي ينضح بأوهام جيله، أدخل تحسينات جريئة على استخدام الكيمياء في الطب. وكان يتحدث أحياناً حديث الماديين "إن الإنسان مشتق من المادة، والمادة هي الكون كله"(٧٧). والإنسان بالنسبة للكون كالعالم الصغير (الميكروكوزم) بالنسبة للعالم الكبير (الماكروكوزم) " وكلاهما من نفس العناصر-وأساسهما الأملاح، والكبريت، والزئبق؛ والمعادن والأملاح المعدنية التي تبدو عديمة الحياة هي في الواقع مفعمة بالحياة (٧٨). والعلاج الكيمياوي هو استخدام العالم الكبير