أسقفيته بفيرونا، وعاش عيشة الراهب المتقشف وهو بدير أسقفيته. وأزعجه انحلال الدين هناك-فالكنائس متهدمة، والوعظ نادر، والقساوسة يجهلون اللاتينية التي يتلون بها القداس، والشعب لا يجلس إلى كرسي الاعتراف إلا نادراً. واستطاع بالقدوة الحسنة والمبدأ القويم والنظام الحازم أن يصلح أكليروسه. يقول مؤرخ كاثوليكي "وسرعان ما ملئت السجون بالقساوسة ذوي الخليلات"(٩) وأعاد جيبرتي إنشاء أخوة البر Confraternita della Carita التي أسسها الكردينال جوليانو دي مديتشي عام ١٥١٩، وبنى ملاجئ للأيتام، وفتح مصارف الشعب لإنقاذ المقترضين من براثن المرابين. وقام بمثل هذه الإصلاحات الكردينال إركولي جوزانجا (ابن إيزابللا دستي) في مانتوا، وماركو فيدا في ألبا، وفابيو فجيلي في سبوليتو، وكثير غيرهم من الأساقفة الذين أدركوا أن على الكنيسة أن تصلح ذاتها أو تموت.
وسلكت الكنيسة في تاريخ لاحق العديدين من أبطال الإصلاح الكاثوليكي، الذين عاونوا على إنقاذها، في عداد قديسيها. ومن هؤلاء القديس فيليب نيري، وهو نبيل فلورنسي شاب، أسس في روما (حوالي عام ١٥٤٠) جماعة غريبة تدعى Trinita de Pellegrini ويقضي نظام هذه المجموعة أن يحضر اثنا عشر علمانياً قداس الأحد، ثم يحجون إلى إحدى الباسلقات، أو إلى أحد المروج الريفية، وهناك يلقون أو يسمعون أحاديث التقوى والورع، ويرنمون بالموسيقى الدينية. وقد أصبح كثير من أعضاء الجماعة قساوسة، وسموا أنفسهم "آباء المصلى"، ومن ميولهم الموسيقية أضافت كلمة oratorio- التي تعني في الأصل مكان الصلاة-معنى جديداً إلى معناها القديم، وهو الترنيمة الكورالية. ومنهم القديس شارل بوروميو-ابن أخي البابا بيوس الرابع- الذي استقال من وظيفة الكردينال الرفيعة في روما ليطهر الحياة الدينية في ميلانو.