الذين رفعهم إلى مرتبة الكردينالية كانوا كلهم تقريباً معروفين بالنزاهة والتقوى. وفي يوليو عام ١٥٣٦ قرر عقد مؤتمر إصلاحي في روما دعا إليه كونتناريني، وكارافا، وسادوليتو، وكورتيزي، وألياندر، وبولي، وتومازو باديا، وفيديريجو فريجوزي أسقف جوبيو، وكلهم رجال ملتزمون بالإصلاح، وأمرهم أن يكتبوا تقريراً عن الرذائل الفاشية في الكنيسة، والوسائل التي يشيرون بها للتخفيف منها. وافتتح سادوليتو المؤتمر بأن قرر في جرأة أن البابوات أنفسهم كانوا أهم سبب في تدهور الكنيسة بخطاياهم وجرائمهم وشرههم للمال (١١). وظل المؤتمر يجتمع يومياً على مدى ثلاثة شهور. أما روحه الكبير، وهو جاسبارو كونتاريني، فكان ألمع رجال الإصلاح الكاثوليكي. ولد في البندقية (١٤٨٣) من أسرة شريفة، وتلقى علومه في بادوا المتحررة، وما لبث أن تقلد منصباً مرموقاً في حكومة البندقية. وقد أوفد سفيراً لدى شارل الخامس في ألمانيا، وصحبه إلى إنجلترا وأسبانيا، ثم مثل مجلس الشيوخ في البلاط البابوي (١٥٢٧ - ٣٠). واعتزل السياسة وانقطع للدرس، وجعل من بيته ملتقى لخيرة رجال الدولة والكنيسة والفلاسفة والإنسانيين في البندقية. ومع أنه كان علمانياً فإنه كان يطيل التفكير في الإصلاح الكنسي، وتعاون تعاوناً نشيطاً مع كارافا. وجيبرتي، وكورتيزي، وبولي. وعرفته إيطاليا كلها مزيجاً نادراً من الذكاء والخلق، وفي عام ١٥٣٥، ودون أي التماس منه، عينه بولس الثالث كردينالاً مع أنه لم يلتق به قط (١٢).
وفي مارس ١٥٣٧ قدمت اللجنة للبابا "نصيحة الكرادلة المعينين لإصلاح الكنيسة"، وقد فضحت هذه النصيحة الاجتماعية، بحرية مذهلة، مفاسد الحكم البابوي، وعزتها بشجاعة أولاً "إلى مغالاة الفقهاء الكنسيين عديمي الضمير في سلطة البابا مغالاة مستهترة". ورأى التقرير "أن بعض