على الموت، تواقة إليه. ثم أصابتها أشد نوبتها عنفاً، وراحت في غيبوبة خالها الراهبات غيبوبة الموت، وظلت يومين باردة لا حراك بها، تبدو مقطوعة النفس؛ وحفر الراهبات لها قبراً. ثم أفاقت، ولكنها ظلت ضعيفة جداً بحيث لم تستطع أن تهضم طعاماً جامداً أو تحتمل أية لمسة. ورقدت ثمانية أشهر في مستشفى الدير فيما يقرب من الشلل الكلي. وتحسنت حالها فأصبح شللها جزئياً، ولكن "الفترات التي لم ترهقني فيها الآلام المبرحة كانت في الحق نادرة (١٩) ". وأقلعت عن كل أنواع العلاج الطبي، وصممت على أن تعتمد كلية على الصلاة. وظلت ثلاث سنوات تتعذب وتصلي. وفجأة، في صباح يوم من أيام سنة ١٥٤٠، استيقظت العليلة طريحة الفراش، التي بدت ميئوساً من شفائها، لتجد أطرافها وقد فارقها الشلل. فقامت ومشت. ويوماً بعد يوم أخذت تشارك بنصيب أنشط في أعمال الدير. وهلل الناس لشفائها باعتبارها معجزة، وكذلك كان اعتقادها فيه. ولعل الصلاة قد هدأت من ثائرة جهاز عصبي أرهقته الرغبات المصطرعة، والشعور بالإثم، وخوف الجحيم؛ ومنحت أعصابها التي هدأت، وبعد الأطباء عنها، جسدها سلاماً لم تعهده من قبل.
وذاع صيت دير التجسد باعتباره المكان الذي حدث فيه شفاء معجز. وتوافد الناس من المدن المحيطة ليروا الراهبة التي شفاها الله، وتركوا نقوداً وعطاياً للدير المقدس. وشجعت رئيسة الدير هذه الزيارات، وأمت تريزا بالظهور أمام الزوار. وأزعج تريزا أن تجد أنها تستشعر لذة في هذه الزيارات، وفي هذه الشهرة، وفي وجود رجال وسيمي الوجوه. وعادوها شعور بالإثم. وذات يوم (١٥٤٢) بينما كانت تتحدث في قاعة الاستقبال إلى رجل استهواها بصفة خاصة، خيل إليها أنها ترى المسيح واقفاً إلى جوار الزائر. وراحت في غيبوبة، واقتضى الأمر حملها إلى قلايتها على نقالة.