الله يرى ويحتوي كل الأشياء … وهذه من أبرز النعم التي منحني الله إياها … فقد جعلني الرب أفهم كيف أن إلهاً واحداً يمكن أن يكون في ثلاثة أقانيم. وجعلني أرى هذا في وضوح شديد بحيث أخذني عجب شديد كما غمرتني سكينة عظمى … والآن حين أفكر في الثالوث الأقدس … أشعر بسعادة لا ينطق بها" (٢٢).
أما الراهبات أخوات تريزا فقد عللن رؤاها بأنها ليست سوى أوهام ونوبات مرضية (٢٣)، وإلى هذا الرأي كان يميل آباء اعترافها، فقد قالوا لها في جفاء "لقد خدع الشيطان حواسك". وخال أهل المدينة أن الشياطين مستها، وطالبوا محكمة التفتيش بفحصها، واقترحوا أن يطرد قسيس شياطينها بالتعزيم. ونصحتها صديقة بأن تبعث للمحكمة بقصة حياتها ورؤاها، فكتبت سيرتها في كتابها المشهور " Vida"، ففحصه رجال المحكمة، وحكموا بأنه وثيقة مقدسة خليقة بأن تشدد إيمان كل من يقرؤها.
فلما أن دعم هذا الحكم مركز تريزا، صممت-وقد بلغت الآن السابعة والخمسين-أن تصلح طريقة الراهبات الكرمليات. وبدلاً من محاولة إعادة نظام النسك القديم في دير التجسد، قررت افتتاح دير منفصل دعت إليه من الراهبات وطالبات الرهبنة كل من تقبل عيشة الفقر المطلق. لقد كان الكرمليات القدامى يلبسن الخيش الخشن، ويمشين حافيات، ويقتصدن في الطعام ويصمن أصواماً كثيرة. واشترطت تريزا على راهباتها الكرمليات الحافيات نظاماً أقرب ما يكون إلى هذا النظام الصارم، لا بوصفه غاية في ذاته، بل رمزاً للتواضع ولنبذ هذه الحياة الدنيا بما فيها من مغريات. وقامت في طريقها مئات العقبات؛ فندد أهل آبلة بالخطة لأنها تهدد قطع كل اتصال بين الراهبات وأقاربهن. ورفض رئيس الطريقة الإقليمي الإذن لها بفتح دير جديد، فلجأت تريزا إلى البابا بيوس