قوة "الكلمة"، وهي البديل الوحيد لقوة المال أو السيف. وادعيتم حق الحكم الشخصي، ولكنكم أنكرتموه على غيركم حالما أمكنكم هذا، وكان رفضكم التسامح من المنشقين أقل وضوحاً للإفهام من رفضنا، لأننا لم ندافع قط عن التسامح، فليس في وسع إنسان أن يتسامح إلا في الأشياء التي لا يبالي بها. ثم انظروا ما أفضى إليه حكمكم الشخصي هذا. فكل رجل يصبح بابا. ويحكم على تعاليم الدين قبل أن يبلغ من العمر ما يتيح له فهم وظائف الدين في المجتمع والأخلاق، وحاجة الناس إلى إيمان ديني. وإن ضرباً ن جنود التمزيق والتفريق لا تكبحه أي سلطة مجمّعة موحّدة يلقي بأتباعكم في منازعات بلغ من سخفها وعنفها أن الناس راحوا يتشككون في الدين كله، وكادت المسيحية ذاتها تصبح في خطر الانحلال، وكاد الناس يتركون في عرى روحي أمام الموت، لولا وقوف الكنيسة صامدة وسط كل تقلبات الرأي والجدل، وكل مستحدثات العلم والفلسفة، لولا أنها تحفظ قطيعها الذي التأم شمله، منتظرة ذلك الوقت الذي يخضع فيه المتفهمون منكم، والمسيحيون الحقيقيون، كبرياء الفردية والعقل لحاجات البشر الدينية، ويعودون إلى الحظيرة الوحيدة القادرة على صون الدين برغم الايديولوجيات المجدفة التي راجت في هذا العصر الشقي".
ترى أيستطيع البروتستنت الرد على هذا الاتهام؟ "يجب ألا ننسى السبب في إنشقاقنا. فلقد فسدت كنيستكم الكاثوليكية سواء في ممارستها أو في أشخاصها، وكف قساوستكم عن أداء وظائفهم، وكان أساقفتكم متعلقين بنعيم الدنيا، وبابواتكم معرة العالم المسيحي؛ ألا يعترف مؤرخوكم بهذا؟ لقد طالبكم رجال أمناء بأن تلحوا ما فسد، محتفظين بولائهم للكنيسة؛ فوعدتم وتظاهرتم بالإصلاح، ولكنكم لم تفعلوا، بل إنكم على العكس من ذلك أحرقتم بالنار رجالاً من أمثال هس وجيروم البراغي لأنهم رفعوا عقائرهم مطالبين بالإصلاح. لقد بذلت مئات الجهود