والازدراء المبني على حق بالهراطقة. وإنا لنفعل هذا بأن نضع أمام أعين الطلاب الجلال الفريد الذي تتميز به طقوس الكنيسة الكاثوليكية في المكان الذي نعيش فيه … وفي نفس الوقت نعيد إلى الذاكرة النقيض المحزن الذي يحدث في وطننا، ألا وهو الدمار الشامل الذي حل بكل الأشياء المقدسة هناك … وأصدقائنا وأقربائنا، وأعزائنا، إلى جانب الأرواح التي لا تحصى، ممن هلكوا في الانشقاق والكفر، وفي الأبراج المحصنة والسجون المكتظة عن آخرها، لا باللصوص والأشرار، بل بكهنة المسيح وخدامه، بل كذلك بآبائنا وأنسبائنا وعشيرتنا. ومن ثم فليس هناك شيء يجدر بنا ألا نكابده، أكثر من أن نتعهد بعلاج ما تعانيه أمتنا من علل (٦٤).
وعملت الكلية في دوي حتى ١٥٧٨، حين استولى الكلفنيون على المدينة، ثم في ريمس، ثم في دوي ثانية (١٥٩٣). وأخرج إنجيل دوي-وهو ترجمة إنجليزية عن الأصل اللاتيني الذي وضعه جيروم-في ريمس ودوي (١٥٨٢ - ١٦١٠) وكان معداً للنشر قبل طبعة الملك جيمس بسنة واحدة. وفيما بين عامي ١٥٧٤ و١٥٨٥ رسمت الكلية ٢٧٥ كاهناً من المتخرجين فيها، وأرسلت ٢٦٨ منهم للعمل في إنجلترا. واستدعى ألن إلى روما وعين كاردينالاً. ولكن العمل في الكلية استمر، وأرسلت ١٧٠ كاهناً آخر إلى إنجلترا قبل وفاة إليزابث (١٦٠٣)، ومن مجموع هؤلاء المبعوثين (٤٣٨) عوقب ٩٨ بالإعدام ..
وانتقلت رياسة هذه الإرساليات إلى رجل من الجزويت، هو روبرت بارسونز Parsons، وهو رجل يتقد حماسة وجرأة وشجاعة، قوي الحجة شديد المراس في المناظر والجدل، بارع في النثر الإنجليزي. وأعلن بصراحة أن مرسوم خلع إليزابث يبرر قتلها. وصعق كثير من الكاثوليك الإنجليز لدى سماع هذا التصريح، ولكن تولوميو جالي، أحد مستشاري البابا جريجوري الثالث عشر السياسيين أبدى موافقته على هذه الفكرة (٦٥)(١). وحرض بارسونز الدول الكاثوليكية على غزو
(١) يضيف مؤرخ كاثوليكي إلى ذلك قوله: "إذا كان مستشار البابا أقر قتل إليزابث فان هذا القانون الذي كان نافذاً آنذاك. كما أن جريجوري أيضاً-ولا بد أن مستشاره كان قد عرض عليه الأمر قبل إرسال كتابه-وافق على هذه الفكرة (٦٦).