وجه التشريع الاقتصادي في ١٥٦٣ ومن نتائجه بالنسبة للطبقات العاملة انه جعل الفقر أمراً إجبارياً. واقترح إعادة تحديد الأجور بصفة دورية وفقاً لأسعار المواد الغذائية الأساسية، ولكن الحكام المكلفين بهذا العمل كانوا ينتسبون إلى طبقة المستخدمين (أرباب العمل). وارتفعت الأجور، ولكن بمعدل أبطأ كثيراً من الأسعار. وفيما بين عامي ١٥٨٠ و١٦٤٠ ارتفعت الأسعار بنسبة ١٠٠%، على حين ارتفعت الأجور في نفس الفترة ٢٠% فقط (٦).
وفي خلال القرن من الزمان الذي يمتد من ١٥٥٠ إلى ١٦٥٠ كانت أحوال المهنيين تزداد سوءاً يوماً بعد يوم (٧). وامتلأت ضواحي لندن "بطبقة فقيرة نسبياً، شريرة غالباً، تقطن في أحقر المساكن (٨) "، تعيش في بعض الأماكن على السرقة والتسول، وفي جنازة ارل شروزبري (١٥٩١) جاء نحو عشرين ألفا من المتسولين يلتمسون الصدقات (٩).
وشنت الحكومة حملات على هذه الرذائل بمجموعة من القوانين الصارمة ضد التسول والاستجداء، وبمجموعة إنسانية نسبياً من "قوانين الفقراء"(١٥٦٣ - ١٦١٠) التي اعترفت بمسئولية الدولة عن حماية رعاياها من الموت جوعاً. وفي كل وحدة إقليمية جمعت ضريبة لرعاية الفقراء غير القادرين على العمل، وتشغيل القادرين على العمل في مصانع تديرها الدولة.
وتبين إن ارتفاع الأسعار كان حافزاً للصناعة والتجارة قدر ما كان مأساة وكارثة على الفقراء. والأسباب الرئيسية في هذا هو استخراج الفضة في أوربا، واستيراد المعادن النفيسة من أمريكا، وغش الحكومات للعملة (تخفيض قيمتها بزيادة ما تحتويه من معدن خسيس) وفيما بين سنتي (١٥٠١ - ١٥٤٤) كانت جملة مقادير الفضة المستوردة أو المستخرجة في أوربا تساوي نحو ١٥٠ مليوناً من الدولارات بمعدلات ١٩٥٧، وفيما بين عامي ١٥٤٥ - ١٦٠٠ نحو ٩٠٠ مليون (١٠). وكافحت إليزابث بشرف غش النقد الإنجليزي، وتقبلت نصيحة مستشارها البعيد النظر، سير توماس جريشام، الذي حذرها (١٥٦٠) في عبارة أصبحت "قانون جريشام"، وهي