والاستعارات والقصص الرمزية، فان ملحمة الفيري كوين، تكون لنا في أول الأمر بهيجة سارة يشل غريب، ولكنها أخيراً شيء لا يحتمل. إن تلميحاتها السياسية التي فرح بها أو استاء لها المعاصرون، فقدت قيمتها لدينا، وإن المعارك اللاهوتية التي تشير إليها لهي الإرهاصات الراسبة في صبانا، وإن قصصها لهو في أحسن الأحوال، أصداء شجية لفرجيل وآريستو وتاسو، وليس ثمة قصيدة في الأدب العالمي تفوق "الفيري كوين" في أفكارها المتكلفة، وتغييراتها الكئيبة في الأوضاع السوية للكلمات والأسلوب، وألفاظها المهجورة وتعبيراتها الجديدة الطنانة، ومبالغاتها الرومانتيكية الحمقاء التي لم تلطفها ابتسامة آريستو. ومع ذلك فان كيتس وشللي أحبا بنسر وجعلاه "شاعر الشعراء" فلماذا؟ ألان شيئاً من الجمال الحسي للشكل عوض عن سخف العصور الوسطى وأسلوبها، أم لأن فخامة الوصف زركشت شيئاً زائفاً غير واقعي؟ وكان المقطع الجديد ذو الأبيات التسعة صعباً من ناحية التعبير الفني، وكثيراً ما يروعنا سبنسر بإتقانه الكامل وسهولته الدافقة. ولكنه، كم من مرة أفسد منطقه من أجل قافية!
وانقطع عن ملحمة "فيري كوين" لينظم قصائد موجزة ربما كانت تبرر شهرته، من ذلك قصيدته "حبي الصغير"، على شكل السونيت، التي كانت تشبه هوى بترارك ونزواته وخيالاته. أو إنها ربما كانت تعكس أيام خطبته التي دامت عاماً لإليزابث بويل. وقد تزوجها في ١٥٩٤، وشدا بأفراح الزفاف في أرق قصائده Epithalamium وإنه ليقتسم معنا مفاتن العروس، دون أثرة أو أنانية.