صبياني، وجن سريع العدو، وسحرة مرعبين وأشباح. وإن خياله ليجعل أسلوبه الذي يفكر بالصور، يحول كل الأفكار إلى صور، وكل التجريدات إلى أشياء محسوسة أو مرئية. فمن غير شكسبير (وبترارك) كان يمكنه أن يجعل روميو، وقد نفي من فيرونا، يتميز غيظاً وحقداً، لأن قططها وكلابها قد تحدق النظر إلى جولييت، على حين لا يباح له هذا؟ ومن غير شكسبير (اللهم ألا بليك) كان يستطيع أن يجعل الدوق المطرود في رواية "على هواك"، يأسف لأنه لا بد أن يعيش على صيد حيوانات هي في الغالب أجمل من الإنسان؟ لا عجب أم روحاً قوية بكل معاني الكلمة، لا بد أن تكون قد انفعلت انفعالاً شديداً بالقبح والكآبة والجشع والقسوة والشهوة والألم والحزن، مما بدا في بعض الأحيان أنه يشيع في النظرة الشاملة إلى العالم.
ولم يؤت شكسبير من الأصالة في الفن المسرحي إلا أقلها، لقد عرف، بوصفه رجل المسح، أفانين مهنته. فبدأ رواياته بمشاهد أو ألفاظ تشد انتباه جمهور المشاهدين الذين يقضمون البندق ويلعبون الورق ويحتسون الجعة ويتبادلون النظرات الغرامية مع النساء. وأفاد أكبر فائدة من "أدوات" المسرح في عهد إليزابث وآلاته. ودرس رفاقه التمثيل وخلق الأدوار الملائمة لخصائصهم الجسمية والذهنية. واستخدم كل حيل التنكر والتعرف، وكل تغييرات المناظر، وكل تعقيدات رواية داخل رواية. ولكنه، مع مهاراته الفنية، لم يتفاد آثار العجلة والتسرع. فإن الحبكة داخل الحبكة قد تشطر القصة إلى اثنتين أحياناً، فماذا كان شأن كارثة جلوستر بكارثة لير؟ فكل القصص تقريباً تنقلب إلى مصادفات بعيدة الاحتمال، وهويات خفية، ورؤى ملائمة إلى حد بعيد، وقد يطلب منا بحق أن نؤمن بالمسرحية كما نؤمن بالأوبرا، من أجل القصة أو الأغنية، ولكن يجدر بالفنان أن يحصر في أقل الحدود "البناء القائم على غير أسا" لحلمه، أو اختلاقه دون مبرر. وأقل من هذا أهمية تناقضات الزمن والخلق (٥٣)، ويحتمل أن شكسبير الذي فكر في سرعة الإنتاج. لا في نشر الدقيق، قدر أن هذه العيوب والأخطاء قد تمر دون أن يلحظها أحد من الجمهور المتأثر، وإن المعايير القديمة والذوق الحديث لتنكر العنف الذي يصطبغ