أيضاً خلق الأرستقراطية الإقطاعية الذي يتمسك بالشرف، ويصفه بعبارات عظيمة، ولكنه يستنكر (كما ورد على لسان المهرج هتسيبر) نزوعه إلى الزهو والعنف، و"سوء السلوك والحاجة إلى ضبط النفس (٦٦) ". أما الأخلاق عنده هو، فتقوم في النهاية على اعتدال ارسطو وضبط النفس عند الرواقيين. وكان الاعتدال والتعقل الموضوع الرئيسي في حديث يوليسيوز الذي أنب فيه أجاكس وأشيللس (٦٧)، ومهما يكن من أمر، فان العقل وحده لا يكفي، ولا بد أن يدعمه خيط من توجيه الرواقيين:
على المرء أن يحتمل
ذهابه هناك قدر احتماله قدومه هنا
والنضج هو كل شيء (٦٨).
والموت أمر يمكن التجاوز عنه ما دمنا قد حققنا أنفسنا. وشكسبير يؤيد أبيقور كذلك، ولا يسلم بتناقضات فاصلة بين اللذة والحكمة، ويرد على البيوريتانيين بشدة فيورد على لسان الخادمة ماريا قولها لمالفوليو:"اذهب وهز أذنيك (٦٩) " أي "أنت جحش". وهو متسامح، مثل البابا، في خطايا الجسد، ويجري على لسان لير المجنون أنشودة مرحة صاخبة للاتصال الجنسي (٧٠).
أما فلسفته السياسية فتتسم بروح المحافظة. وأدرك آلام الفقراء، وجعل لير يرددها في إحساس عميق. ولحظ صياد سمك في "بركليز"(١٦٠٩؟) أن الأسماك تعيش في البحر:
مثلما يعيش الإنسان على الأرض- تأكل كبارها صغارها، ولا يمكن أن أقارن أغنيائنا البخلاء، مقارنة سليمة، ألا بالحوت، يلعب ويلهو ويسوق صغار السمك المسكين أماه، وفي النهاية يلتهمه دفعة واحدة، ولقد سمعت عن مثل هؤلاء الحيتان على الأرض، لا يفتئون يفغرون أفواههم حتى يبتلعوا الأبرشية بأسرها، والكنيسة، والبرج، والأجراس، وكل شيء (٧١)".
ويحلم جنزالوا في "العاصفة" بشيوعية فوضوية "يكون فيها كل ما تنتجه الطبيعة ملكاً مشاعاً"، ولا يكون فيها قوانين ولا قضاة أو حكام ولا عمال