ولا حرب (٧٢). ولكن شكسبير يهزأ بهذه "المدينة الفاضلة"- يوتوبيا- لأن طبيعة الإنسان تجعل من المستحيل قيامها. ولا بد، في ظل أي دستور، من أن تأكل الحيتان السمك.
وماذا كانت ديانة شكسبير؟. إن البحث عن فلسفته في هذا المجال، بوجه خاص، شاق عسير. فهو من خلال أشخاص مسرحياته يعبر عن كل المعتقدات، في تسامح لا بد أنه كان يحمل البيوريتانيين على القول بأنه كافر. وكثيراً ما استشهد بالكتاب المقدس في إجلال وتقديس، وجعل هملت، المفروض أنه متشكك، يتحدث، عن الإيمان، عن الله والصلاة والسماء والجحيم (٧٣). ولقد عمد شكسبير وأبناؤه وفقاً للطقوس الأنجليكانية (٧٤). وبعض أبياته تنم على بروتستانتية قوية ويتحدث الملك جون عن "الغفران البابوي" على أنه "شعوذة وسحر". وكأنه يستبق هنري الثامن:
… لن يفرض قسيس إيطالي
دفع العشور أو يقرع الناقوس في أرضنا،
ولكن، كما أننا نرفع الرأس عالياً تحت السماء،
فستكون لنا السيادة العظمى في وجود الله العلي العظيم،
حيث نملك ونحكم، ونثبت الملك وحدنا،
هكذا أنبئوا البابا، مع كل الاحترام
له ولسلطانه المغتصب (٧٥).
على أن جون، بطبيعة الحال، يكر عن خطيئته، آخر الأمر. وثمة رواية بعد هذه، هي "هنري الثامن"، اشترك شكسبير في جزء منها فقط، تزودنا بصور مؤيدة لهنري وكرانمير (أسقف كنتربري)، وتنتهي بمديح إليزابث- وكلهم كبار مهندسي الإصلاح الديني في إنجلترا. وثمة مسحة كاثوليكية، مثلما جاء في تصوير كترين- أراجوان والراهب لورنس، بشكل فيه تعاطف (٧٦)، ولكن الشخصية الأخيرة كانت قد جاءت إلى شكسبير، كما شكلت في أخبار الكاثوليك الإيطاليين.