لأنه أساء إليها في أحاديثه، ولكن هذه الطريقة في كسب اهتمام المرأة. ولما عرفت صفاته العسكرية عينته قائداً للحدود، ولما سمعت بدرايته بالسفن والملاحة عينته أمير الأسطول، ولما علمت برغبته بالزواج من ليدي جين جوردون عجلت بإتمام الزواج.
وكانت الآن تخشى قتلة رتشيو وترتاب في اشتراك زوجها في جريمتهم. ومن ثم ولت شطر بوثول تسأله الحماية والنصح. ولم تندفع ماري إلى هذا الرجل على عجل، بل إن صفات الرجولة فيه: الشجاعة والحيوية والقوة والثقة بالنفس، كانت هي الصفات التي تصبو إليها طبيعتها الأنثوية، ولم تجدها في فرانسوا الثاني أو دارلني. وقد لحظت كيف أن الاحترام لسيفه ولجنوده أدى بالمتآمرين إلى الاختفاء والخضوع، وسرعان ما أحست بالأمان والاطمئنان إلى حد العودة إلى قصر هوليرود، وعلى الرغم من أن نوكس كان قد أقر قتل رتشيو، فإن ماري هدأت من روع القساوسة البروتستانت لبعض الوقت بوضع شروط أفضل لأرزاقهم والإبقاء عليهم. أما عامة الإسكتلنديين الذين لم يكونوا في يوم من الأيام يكنون ذرة من الحب للوردات، فإنهم تعاطفوا معها، وتمتعت الملكة لعدة أشهر بعد ذلك، بشعبية عامة. وكتب السفير الفرنسي يقول:"لم أر الملكة قط تحظى بمثل هذا الحب والتقدير والتكريم، أو بمثل هذه الألفة بين رعاياها (٣١). "على أنها-عندما اقترب موعد الوضع، انتابتها الهواجس واستبدت بها فكرة أنها لا بد أن تقتل أو تخلع، وهي راقدة لا حول لها ولا قوة ولا عون (٣٢). ولما وضعت، في سلام وأمان، طفلاً ذكراً ١٩ يونيه ١٥٦٦ ابتهجت إسكتلندة بأسرها، وكأنها تنبأت بأن هذا الصبي سيكون ملكاً على إسكتلندة وإنجلترا معاً. وكانت ماري في أوجها.
ولكنها كانت تعسة بدارنلي الذي استاء من تجديد ثقتها بموري، ومن إعجابها المتزايد ببوثول. وتناثرت الإشاعات بأنه قد يخطف الطفل الملكي ويحكم باسمه (٣٣). واتهم دارنلي النبلاء بقتل رتشيو، وطالب ببراءته هو. فما كان منهم، انتقاماً منه، إلا أن بعثوا إلى الملكة بدليل اشتراكه في الجريمة (٣٤). واقترح آرجيل ولثنجتون وبوثول على الملكة أن تطلقه، فاعترضت بأن هذا قد يعرض العرش للخطر،