للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسفيري فرنسا وأسبانيا وحكومتيهما، وبأنصارها في إسكتلندة وبممثلي البابا. وكانت الرسائل تهرب منها وإليها في ثياب الغسيل وفي الكتب، وفي العصي، وفي الشعر المستعار، وفي بطانة الأحذية. ولكن جواسيس سيسل وولسنهام كشفوا عن كل مؤامرة في حينها. وحتى بين الطلبة والقساوسة في كلية الجزويت في ريمس، كان لولسنهام عملاء ووكلاء يبلغونه بكل شيء.

ولكن الهالة الرومانسية التي أحاطت بماري الأسيرة حركت الشفقة والعطف في قلوب كثير من الشبان الإنجليز، كما ألهبت حماسة الشبان الكاثوليك. وفي ١٥٨٣ دبر فرانسيس ثروكمورتون، وهو كاثوليكي، وابن أخت المغفور له سفير إليزابث لدى فرنسا، دبر مؤامرة أخرى لإطلاق سراح ماري، ولكن سرعان ما كشف أمره وعذب حتى أعترف. وصرخ مولولا: "لقد كتمت كل أسرارها، تلك التي كانت اعز ما لدي في هذه الدنيا بأسرها (٥٩) ". ومات بضربة من فاس جلاد وهو في سن الثلاثين.

وبعد ذلك بعام واحد، أقنع وليم باري Parry، وهو أحد الجواسيس الذين يعملون في خدمة سيسل، أقنع القاصد الرسولي في باريس، بأن يقدم إلى جريجوري الثالث عشر طلباً بالغفران التام، على أساس أنه سوف يقدم على محاولة خطيرة لإطلاق سراح ماري ستيوارت وإعادة إنجلترا إلى حظيرة الكاثوليكية. ورد وزير البابا (٣٠ يناير ١٥٨٤) بأن قداسته اطلع على التماس باري، وابتهج لما اعتزم القيام به، وأنه سيرسل إليه الغفران المطلوب، ويكافئه على جهوده (٦٠). وحمل باري هذا الرد إلى سيسل. واتهم جاسوس إنجليزي آخر- يدعى ادموند نفيل- اتهم باري بتحريضه على قتل إليزابث. وقبض على باري، واعترف، فشنق، ومزقت أوصاله (٦١)، وهو لا يزال ينبض بالحياة.

ولما اشتد غضب مجلس الملكة إليزابث بهذه السلسلة الطويلة من المؤامرات، وجزع وفزع لمقتل وليم أورلنج، صاغ "التعهد بالتكاتف والترابط"، يتعهد الموقعون عليه بألا يرتضوا قط خلفاً لمليكتهم، أي شخص جرت لمصلحته أية محاولة للقضاء على إليزابث، وأن يعذبوا حتى الموت أي فرد اشترك في مثل هذه