المحاولة. ووقع هذا التعهد كل أعضاء المجلس ومعظم أعضاء البرلمان، كما وقعه ذوو المكانة في طول إنجلترا وعرضها، وبعد سنة أسبغ البرلمان على هذه الوثيقة صفة القانون النافذ المفعول أو المعمول به.
ولكن هذا لم يحل دون مزيد من المؤامرات. ففي ١٥٨٦ أغرى جون بللارد وهو قسيس كاثوليكي روماني، أنتوني بابنجتون، وهو شاب ثري كاثوليكي، أغراه بتدبير مؤامرة لقتل إليزابث وغزو إنجلترا بجيوش من فرنسا وأسبانيا والأراضي المنخفضة، وتنصيب ماري على العرش. وكتب بابنجتون إلى ماري بهذا، وأبلغها أن ستة من النبلاء الكاثوليك اتفقوا على التخلص من مغتصبة العرش، وسألها إقرارا للخطة. وفي خطاب مؤرخ في ١٧ يولية ١٥٨٦ قبلت ماري مقترحات بابنجتون، ولم توافق موافقة صريحة على قتل إليزابث، ولكنها وعدت بالمكافأة عند نجاح المشروع (٦٢). وكان الرسول الذي عهد إليه سكرتيرها بحمل هذا الرد عميلاً سرياً لولسنهام. فأخذ صورة من كل رسالة وأرسلها إلى ولسنهام، وأرسل أصل الرسالة إلى بابنجتون. وفي ١٤ أغسطس قبض على بابنجتون وبللارد، وبعد ذلك بقليل أودع السجن نحو ثلاثمائة من أبرز الكاثوليك، واعترف الزعيمان، وأغرى سكرتير ماري بالاعتراف بصحة خطابها (٦٣). وأعدم ثلاثة عشر من المتآمرين، وأطلقت الصواريخ النارية في سماء لندن، ودقت النواقيس، وأنشد الأطفال التسابيح شكراً لله على نجاة الملكة إليزابث. ودوت الصيحات في إنجلترا البروتستانتية تطالب بالموت لماري.
وفتشت حجرات ماري، وجمعت كل أوراقها، وفي أكتوبر نقلت إلى قلعة فوذرنجاي Fotheringay. وهناك جرت محاكمتها أمام لجنة مؤلفة من ثلاثة وأربعين من النبلاء. ولم يسمح لها بندب من يدافع عنها، ولكنها دافعت عن نفسها في عزم وإصرار. وأقرت باشتراكها في مؤامرة بابنجتون، ولكنها أنكرت إقرارها للقتل، واحتجت بأنها، كإنسان سجن ظلماً وعدواناً لمدة تسعة عشر عاماً، لها كل الحق في تخليص نفسها بأية وسيلة كانت. وأدانتها اللجنة بالإجماع. وطلب البرلمان إلى إليزابث أن تصدر أمرها بإعدامها. ولكن هنري الثالث ملك فرنسا قدم طلباً مهذباً