للرأفة. ولكن إليزابث قالت إن مثل هذا الطلب جاء بسند ضعيف من حكومة ذبحت آلافاً من البروتستانت دون محاكمة. ودافع معظم إسكتلندة الآن عن مليكتهم، ولكن ابنها قام بوساطة تعوزها الحماسة، حيث ارتاب في أنها أنكرته وتبرأت منه في وصيتها لأنه بروتستانتي. وأوعز ممثله في لندن إلى ولسنجهام إلى أنه- ابنها، جيمس السادس- ولو أنه حريص على ألا تقتل أمه، سوف يعتبر الموضوع منتهياً، ويقنع بأن يثبت إليزابث البرلمان الإنجليزي حقه في أن يخلف إليزابث على العرش، وتزيد إليزابث من مبلغ المعاش الذي ترسله إليه. وضيع الإسكتلندي المحاذر الحريص- الوقت سدى، بدافع من الطمع شديد، إلى حد أن أهالي أدنبرة كانوا يطلقون عليه صيحات الاستهزاء والاستهجان، وينعون كالبوم في الشوارع (٦٤). ولم يبق بين ماري وبين الموت إلا تردد إليزابث.
وانقضت قرابة أشهر ثلاثة تجرر الأيام فيها أذيالها متثاقلة، قبل أن تحزم إليزابث المنهوكة المنزعجة أمرها، ثم لم تفعل شيئاً. كانت قادرة على السماحة والرحمة: ولكنها سئمت حياة الفزع من أن يعاجلها بالقتل في أية لحظة أنصار امرأة تدعي حقاً في عرشها، كما وضعت في اعتبارها خطر غزو إنجلترا من جانب فرنسا وأسبانيا وإسكتلندة احتجاجاً على إعدام ملكة، كما فكرت في إمكان موتها هي، ميتة طبيعية أو بيد أثيمة، وفي وقت يتيسر فيه لماري وللكاثوليكية أن ترثا إنجلترا. وحثها سيسل على توقيع التصديق على حكم الإعدام، ووعد بأن يتحمل هو كل مسئولية نتائجه، وفكرت في أن تتفادى هي حسم الموضوع بالإلماع إلى سير أمياس بولت Amias Paulet، المعين لحراسة ماري، بأنه يمكن أن يضع حداً لهذا الارتباك، بأن يأمر بإعدام ماري، بناء على مجرد فهم شفوي بأن الملكة أو مجلسها يرغبان في ذلك، ولكن بولت أبى أن يتصرف دون أمر كتابي من إليزابث، وأخيراً وقعت التصديق على الحكم، وحمله سكرتيرها وليم دافيسون إلى المجلس الذي أرسله في الحال إلى بولت قبل أن تغير إليزابث رأيها.
أما ماري التي كانت طيلة هذا الإمهال الطويل، قد عاودها الأمل، فإنها لم تصدق النبأ في بداية الأمر، ثم واجهته بشجاعة. وكتبت إلى إليزابث رسالة مؤثرة،