فإنه في ذروة مجده (١٦١٢ - ١٦٢٥) رفعته إنجلترا، في مجال المسرحية، إلى المرتبة التالية لمرتبة شكسبير وجونسون. كان فلتشر ابن أحد أساقفة لندن، وابن أخ أو ابن عم لثلاثة شعراء من طراز متواضع، فرضع الشعر وتربى على القوافي، وأضاف هو إلى هذا التراث ما كسب من ميزة اشتراكه مع شكسبير في "هنري الثامن"، "القريبان النبيلان"، ومع ماسنجر في "الخوري الأسباني"، واشتراكه بأعظم النجاح مع فرانسيس بومونت.
ومن هذا الطراز أيضاً ولد فرانك. وكان ابناً لأحد القضاة البارزين، وأخاً لشاعر صغير الشأن، ولد قبله بعام ومهد له طريق الحياة. وأخفق بومونت في إتمام دراسته في أكسفورد أو في أحد معاهد الحقوق The lnner Temple وحاول أن يجرب قلمه في شعر المرح، وانضم إلى فلتشر في كتابة الروايات. وشارك الأعزبان الوسيمان الواحد منهما الآخر، في الأكل والنوم، والأمتعة والملابس، والخليلات والأفكار، أو كمال قال أوبري "كانت ثمة مرآة شركة بينهما، وكان ثمة تتشابه غريب في أفكارهما وصورهما الذهنية (٣٣) ". وتعاون الاثنان على مدى عشر سنوات في إخراج روايات مثل The Maids' Tragedy, Loves Liesa-Bleeding, Philaster Thel Knight of the Burning Pestle والحوار القوي، ولكنه عاصف طنان، وحبكات الرواية متشابكة تشابكاً بارعاً. ولكن حل عقدها كان متكلفاً. وقل أن ارتقى التفكير إلى مستوى الفلسفة. ومع ذلك فإن هذه الروايات كما يؤكد لنا دريدن-كان لها في أواخر القرن، من الشعبية على المسرح، ضعف ما كان لروايات شكسبير (٣٤).
وتوفي بومونت في سن الثلاثين، في العام الذي توفي فيه شكسبير، وبعد ذلك كتب فلتشر بمفرده أو مع آخرين، سلسلة طويلة من الروايات الناجحة التي جر عليها النسيان ذيوله. ونبعت ملهاة من رواياته التي قامت على دسائس ملتوية صاخبة مرحة، نبعت من نماذج أسبانية، كما أنها بدورها-بتركيزها على الزنى-مهدت للمسرحية في "فترة عودة الملكية". ولما تعب من هذه المناظر الدامية أو الداعرة، أخرج في (١٦٠٨) رواية رعوية "الراعية المخلصة" خالية من الهراء والحمق، مثل