الجنوبية وأكمل ثالث طواف حول الكرة الأرضية، ومات في البحر (١٥٩٢)، وسار هنري هدسن (١٦٠٩)، وفي رحلة أخرى وصل إلى خليج هدسن، ولكن بحارته الذين ذهبت الصعاب بعقولهم، واشتد بهم الحنين إلى الوطن، تمردوا عليه، وأنزلوه هو وثمانية معه في قارب صغير مكشوف، (١٦١١) ولم يسمع لهم ذكر بعد ذلك قط، واكتشفت وليم بفن الخليج والجزيرة اللتين تحملان اسمه، وغامر حتى وصل إلى خط عرض ٧٧. ٤٥ - وهو ما لم يصل إليه أحد مرة أخرى قبل مضي ٢٣٦ سنة-وكان له امتياز آخر، وهو إيجاد خطوط الطول لأول مرة برصد القمر. وشهد ريتشارد هاكلوت في هذه السفن المأخوذ من خشب البلوط فترة من البسالة والرعب تفوق أية الياذة، ونشر قصصها في مجلدات ظهرت تباعاً، من أحسن ما عرف منها هو ما نشر تحت اسم "الإبحارات الرئيسية، رحلات الأمة الإنجليزية وكشوفها"(١٥٧٩، ١٥٩٨، ١٦٠٠)، وزاد صمويل بوركاس في هذا السجل بكتاب "رحلات بوركاس (١٦٢٥). وهكذا كان الطمع في الحصول على الذهب، والتحمس لمواجهة الأخطار ومشاهدة البلاد البعيدة سبباً في تقدم الجغرافيا دون قصد.
وكان احسن ما حققه العصر في الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا من عمل القارة. أما في إنجلترا، على أية حال، فان سير كنلم دجبي Kenelm Digby اكتشف ضرورة الأوكسجين لحياة النبات، كما أيد روبرت فلد Fludd، وهو متصوف وطبيب، فكرة التطعيم Jenner بمائة وخمسين عاماً. واستمرت وصفات الدواء تعتمد على إثارة الاشمئزاز ليكون للأدوية أثرها. وأوصى الدستور الرسمي للأدوية في لندن ١٦١٨، بالمر، وعصارة النبات (الدم) وتشريط الجلد، وعرف الديك، والفراء، والعرق واللعاب والعقارب وجلد الثعبان وحمار القبان (حشرة) ونسيج العنكبوت، على أنها وسائل للعلاج، وكلن فصد الدم أول شيء يلجئون إليه (١٤) -وعلى الرغم من ذلك، فان هذه الحقبة تفاخر بتوماس بار "بار العجوز Old Parr" الذي قدم إلى شارل الأول ١٦٣٥، على أنه يتمتع بصحة جيدة مع أنه كان كما زعموا، في الثانية والخمسين بعد المائة من عمره. ولم