فيتلقى منهم الرماح والسهام، ذلك في رأي خير من مبادلتهم ضربة بضربة).
وهاهنا يأخذ "كرشنا"- الذي تحمل ربوبيته على الحد من نشوته بالمعركة- في بسط وجهة نظره واثقاً من صحة ما يقول ثقة استمدها من كونه ابن فشنو، وهي أن الكتب المنزلة، والرأي عند خيرة الراسخين في العلم، هو أنه من الخير والعدل أن يقتل الإنسان ذوي قرباه في الحرب؛ وأن واجب "أرجونا" هو أن يتبع قواعد طبقته الكشاترية، وأن يقاتل ويقتل أعداءه بضمير خالص وإرادة طيبة، لأنه على كل حال لا يقتل إلا الجسد، وأما الروح فباقية؛ وهنا تراه يشرح ما جاء في "سانخيا" عن "بوروشا" التي لا يأتيها العطب، وما جاء في "يوبانشاد " عن "أتمان" التي لا تفنى:
"اعلم أن الحياة لا تفنى، فتظل تبثّ حياةً في الكون كله؛
يستحيل على الحياة في أي مكان، وبأية وسيلة،
أن يصيبها نقص بأي وجه من الوجوه، ولا أن يصيبها خمود أو تغير
أما هذه الهياكل الجسدية العابرة، التي تبث فيها الحياة
روحاً لا تموت ولا تنتهي ولا تحدها الحدود -
ففانية؛ فدعها- أيها الأمير- تَفْنَ، وامض في قتالك!
إن من يقول: "انظر، لقد قتلت إنساناً! "
وإن من يظن لنفسه: "هاأنذا قد قُتِلْت! "
فكلا هذين لا يعلم شيئاً؛ إن الحياة لا تَقْتل
وإن الحياة لا تُقْتل! إن الروح لم تولد قط، ولن تفنى
إن الزمان لم يشهد لحظة خلت من الروح، إن النهاية والبداية أحلام!
إن الروح باقية إلى الأبد بغير مولد وبغير موت وبلا تغير