للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفرقة المكتومة، وردها إلى ما كانوا يعتقدونه اسلوب المأساة القديمة الفردي (المونودي). فقام أحدهم وهو فنشنزو جاليلي، أبو الفلكي، بتأليف موسيقى مونودية لأجزاء من جحيم دانتي. ووضع عضوان آخران من الجماعة، هما الشاعر أوتافيو رينوتشيني والمغني ياكوبو بيري، النص والموسيقى لما يمكن أن نعده أول أوبرا واسمها «دافني»، وقد أخرجت في بيت ياكوبو كورسي في ١٥٩٧) ٦٣). وقوبل الأداء بالاستحسان الكبير حتى أن رينوتشيني دعى إلى وضع الكلمات للحن أهم، وبيري وجوليو كاتشيني إلى تأليف موسيقى اللحن، وذلك احتفالا بزفاف هنري الرابع وماريا دي مديتشي بفلورنسة (٦أكتوبر ١٦٠٠). و «الأوريديتشي» التي مثلت هناك هي أقدم الأوبرات الباقية على قيد الحياة. وقد اعتذر بيري عن عيوب هذا العمل المستعجل، راجيا «أن أكون قد فتحت الطريق لموهبة غيري من المؤلفين، ليتأثروا خطاي نحو هذا المجد الذي لم يتح إلى بلوغه (٦٣)».

هذا المجد بلغه أحد الفحول في تاريخ الموسيقى، وهو كلوديو مونتيفردي. حذق العزف على الكمان في مسقط رأسه كريمونا، حتى أنه عين عازفاً للكمان في قصر دوق مانتوا وهو لا يتجاوز الثانية والعشرين (١٥٨٩)، وفي الخامسة والثلاثين أصبح قائد فرقة المرتلين في الكنيسة. وقد ندد النقاد تنديدا شديدا بكتبه الخمسة في الأغاني الشعرية (١٥٨٧ - ١٦٠٥) لما أخذوه عليها من تنافر شديد، و «نقلات شديدة التحرر»، ومتواليات هارمونية «غير قانونية»، وخروج على قواعد مزج الألحان (الكونتر بنط). كتب جوفاني ارتوزي في «مثالب الموسيقى الحديثة» (١٦٠٠ - ٣) يقول «هؤلاء الملحنون المحدثون يحلو لهم فيما يبدو أن يخرجوا أعظم ما يستطيعون من ضوضاء بالجمع بين عناصر لا رابط بينها اطلاقا ومجموعات متعاظمة من الأنغام المتنافرة (٦٤)».

ووجه مونتيفر دي محاولاته المتهورة إلى الشكل الجديد الذي سمعه في