للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يضم عما قليل روائع بريشة رفائيل، وتتسيانو، وتنتوريتو، وفيرونيزي، والجريكو، وفلاسكويز، هنا اقبل بلجرينو تيبالدي، وبارتولوميو كاردوتشي، وفدريجو زوكارو، من إيطاليا للانضمام إلى خوان فرنانديز نافاريتي، ولويزدي موراليس، ولويز دي كاربايال، وغيرهم من الفنانين الاسبان ليرسموا الصور الجصية على الجدران والبواكي التي لانهاية لها. أما القصر الملكي فتركه بسيطا كل البساطة، ولكن الكنيسة برغم بائها على الطراز الدوري الصارم، كان مذبحها يتلألأ بالرخام السماقي واليشب والذهب ومن خلفه رافدة ذات حلية معقدة. وكانت القاعة المخصصة لاستقبال كبار القوم شاسعة حافلة بالزخرف، أما حجرة فيليب فأفقر حجرات البناء، متواضعة كأنها صومعة عابد (١١). كان البناء رمزاُ لسطوة فيليب، أما الحجرة فتعبير عن خلقه.

لقد جهد غاية الجهد ليكون قديساً، ولكنه لم ينس أنه ملك. كان يعلم أنه أقوى حاكم على ظهر البسيطة ويشعر بالتزام سياسي بالكبرياء، ولكنه كان في لباسه آية في البساطة حتى أن بعض الغرباء الذين صادفوه في الاسكوريال حسبوه تابعا، وسمحوا له أن يكون دليلهم (١٢). وكان خليقا بهم ان يتعرفوا عليه من ذقنه الهابسبورحية الناتئة، لأنها كانت تحديا بارزا للعالم. وفي عان ١٥٥٩، قبل أن يقسيه الزمن والتجارب، وصفه سفير بندقي بأنه «يبدي دائما من الرقة والانسانية ما لا يبزه فيه أمير (١٣)»، وقال عنه سفير انجليزي أنه «ذو خلق لطيف، وطبع لين، وميل إلى الهدوء (١٤)». ولم يجد فيه أحد أي ميل للمزاح أمام الناس، وذكر أعداؤه القساة أنه لم يبتسم في حياته كلها غير مرة - وذلك حين سمع بمذبحة القديس برتلميو. على أنه في حياته الخاصة كان يستطيب الدعابة والنكتة ويضحك من كل قلبه (١٥). وكان يجمع الكتب بذوق ولذة، ولكنه آثر الفن على الأدب، فهو الراعي المرهف الذوق لتتسيانو، والناقد لإلجريكو، يحب الموسيقى ويعزف على القيثارة