ولد في مدريد قبل مولد شكسبير بعامين لأسرة فقيرة ولكنها - كما يؤكدون - عريقة. فلما ناهز الرابعة عشرة هرب من البيت والمدرسة وتطوع في الجيش وشهد بعض المعارك الدامية في الازورة. ثم أحب، ولكنه أنقذ نفسه دون ان يصاب بجراح طفيفة، وكتب «ابجرامات» سافلة في حق السيدة النبيلة، فقبض عليه بتهمة القذف، ونفي من مدريد. ولكنه تسلل إلى المدينة، وفر مع ايزابيل دي أوربينا، وتزوجها، فطورد، والتحق بالارمادا تهربا من القانون. وقد شارك في هزيمة الاسطول، ومات أخوه القتيل في المعركة بين ذراعيه. وتركه موت زوجته حرا ولكنه تورط في مشاكل أخرى. فقد انجب طفلين من الممثلة ميكالا دي لوخان (٤١)، وتزوج ثانية، واصبح موظفا في محكمة التفتيش (١٦٠٩)، ثم فقد زوجته الثانية، ورسم قسيسا (١٦١٤؟) ووقع في أكثر من غرام (٤٢).
أما أسبانيا فقد اغتفرت له خليلاته لقاء مسرحياته. فقد كتب منها زهاء ألف وثمانمائة، بالإضافة إلى أربعمائة «فصول مقدسة» قصيرة تمثل في الاحتفالات الدينية. وذاع عنه أنه ألف عشر تمثيليات في أسبوع واحد، وتمثيلية قبل الفطور، وتقهقر سرفانتس يائسا امام هذا السيل الجارف، وسمى منافسه «وحش الطبيعة». كان لوبي «كوميديا فنية» في ذاته؛ فهو يؤلف المسرحية وهو يرتجلها. وإذا كان ينجب بمثل هذه الخصوبة المستهترة، فأنه لم يزعم لنفسه تفوقا في الفن أو الفلسفة. وقد اعترف بلطف في كتابه «الفن الجديد في كتابة المسرحيات» انه إنما يكتب ليرتزق، ومن ثم فهو يزود الجمهور بما يروقه (٤٣). وما كان ليطبع تمثيلياته لولا قراصنة الناشرين الذين درجوا على ايفاد رجال ذوي ذاكرة معجزة إلى حفلاته، وكان في استطاعة هؤلاء الرجال بعد الاستماع إلى المسرحية ثلاث مرات أن يتلوها عن ظهر قلب ويقدموا نصا محرفا للناشرين الذين لا يدفعون للمؤلف فلسا واحدا. وذات مرة أبت فرقة لوبي أن تمضي في تمثيل المسرحية ما لم يطرد