على أن مؤثرين كبيرين وسعا من أفقه. ذلك روبنز، أشهر الفنانين في العالم يومئذ، زار مدريد مرة اخرى عام ١٦٢٨ - وكان أمام الضوء والظل، والمصور المستهتر للأرباب الوثنية والأجساد العارية الشهوانية. وتأثر فيلاسكويز بفن روبنز، ونصحه هذا بأن يذهب إلى إيطاليا، وإلى البندقية خاصة، ويدرس أعمال نوابغ التلوين. والتمس دييجو الاذن من فليب، فمنحه إجازة وأربعمائة دوكاتيه ثمينة لنفقات الرحلة. وقد نحيط بمثال من سرعة الانتقال بالبحر في ذلك العصر إذا عرفنا أن فيلاسكويز غادر برشلونة في ١٠ أغسطس ١٦٢٩، ووصل جنوة في ٢٠ أغسطس. ثم عبر إيطاليا إلى البندقية وجلس أياماً يتأمل اللوحات القماشية العظيمة التي رسمها تنتوريتو وفيرونيزي، وصور الأشخاص والأساطير التي رسمها نتسيانو. ثم انتقل إلى فيرارا وروما، ونسخ صور التماثيل الرخامية القديمة في ساحة روما العامة، وحسد ميكل أنجيلو على رسمه الصور الجصية على سقف كنيسة السيستين الصغيرة. وقد أعانت هذه الصور الفخمة فيلاسكويز على الانتقال من ظلال كارفادجو القائمة إلى تصوير أكثر حدة للأشكال في الضوء الواضح. ثم رحل إلى نابلي ليزور ريبيرا، ومنها قفل راجعاً إلى أسبانيا (يناير ١٦٣١).
ترى أهو الغرور- ذلك الظل المساند لكل نفس- الذي دفع فليب ليجلس المرة بعد المرة إلى فنان أوتي مثل هذه النظرة الثاقبة والصدق المدقق، أم كان الدافع له أن يهدي صورته لمن يطلبونها من اصحابه؟ ولكنه تحول مؤسف ذلك الذي نلحظه على هيئته، فصورة الشاب الفارع الطول الرشيق القوام الذي يبدو في اللوحات الأولى تستحيل في النهاية إلى صور رجل غاض اللون من وجهه وصبغ به شعره، وأوتقراطية قاتمة تتشبث بالبقاء- على الرغم من الزمن والهزائم- في العيون الزرقاء الباردة والذقن الهابسبورجي الملتف. وإذا كانت السطحية عيب هذه الصور الملكية، فلعل السبب انه لم يكن هناك شئ تحت السطح الظاهر. فإذا