للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزرع منها عشرة آلاف في كل أسقفية، وأعان ووسع مصانع السجاد المرسوم التي يملكها آل جوبلان. ورغبة في تفادي السياسات المقيدة التي فرضها معلمو الحرف على نقاباتهم، أعاد تنظيم الصناعة الفرنسية على أساس تعاوني-فأصحاب العمل والعمال متحدون في كل حرفة، خاضعون للتنظيم الذي تفرضه الدولة. ولكن الفقر لم يبرح مخيماً على البلاد، من جهة بسبب الحرب والطاعون والضرائب. ومن جهة لأن عدم التكافؤ الطبيعي في القدرات، وسط تساوي الجميع في الجشع، كفيل في كل جيل بأن تستوعب قلة من الناس أكثر السلع. أما الملك فتوخى القصد في عيشه، إلا أن يسرف مع خليلاته. ورغبة في شغل المتعطلين وتنقية الريف من قدامى المحاربين العاطلين النهمين، مول عدداً كبيراً من الأشغال العامة المختلفة: فوسعت الشوارع ورصفت، وشقت القنوات، وغرست الأشجار على الطرق العامة، وفتحت المتنزهات والميادين-كالبلاس رويال (وهو اليوم بلاس دي فوج) والبلاس دوفين-لتتيح لباريس متنفساً. وأنشأ الملك مستشفى الميرة للعجزة. ولم يكتمل نضج هذه الاصلاحات كلها قبل موته المفاجئ، ولكن حينما ختم حكمه كانت البلاد تتمتع برخاء لم تشهده منذ أيام فرنسيس الأول. وأهم من ذلك كله أن هنري أنهى الحروب الدينية، وعلم الكاثوليك والبروتستنت أن يعيشوا بسلام. لا في مودة وصداقة، لأن أحداً من غلاة الكاثوليك لم يكن ليسلم بحق هيجونوتي في الوجود، ولا كان أي هيجونوتي حار الإيمان لينظر إلى العبادة الكاثوليكية إلا على أنها عبادة أصنام. وقد وضع هنري حياته على كفه وأصدر (١٣ ابريل ١٥٩٨) مرسوم نانت التاريخي، الذي أباح الممارسة الكاملة للعقيدة البروتستنتية، ومنح الصحافة البروتستنتية حريتها، في جميع مدن فرنسا الثمانمائة إلا سبع عشرة مدينة كانت فيها الكاثوليكية المذهب الغالب (كما في باريس). وثبت مبدأ صلاحية الهيجونوت للمناصب العامة، وكان منهم في مجلس الدولة