وأضفت عليها حركاتها الرشيقة المتعالية نزعة أرستقراطية، وأعان التقبيل الذي كان جزءاً منها على إثارة الدم في العروق، وفي عهد كاترين مديتشي أصبح الباليه قمة أسباب الترفيه في البلاط، إذ جمع بين الموسيقى والرقص ليقص قصة بالشعر أو الإيماء (البانتوميم)، وشاركت فيه أجمل نسائها، في ملابس ومشاهد صممت تصميماً فنياً، وقد أقيم حفل من حفلات الباليه هذه في التويلري غداة مذبحة القديس برتلميو.
وكان الموسيقيون أبطال الساعة العابرة. افتتن بهم الفرنسيون فتنة كبرى، حتى أن رجلا من الحاشية كان يحضر حفلة موسيقية عام ١٥٨١ ضرب سيفه بيده وأقسم أنه متحد رجل يقابله للمبارزة، وهنا قاد قائد الفرقة فرقته في لحن رقيق هدأ من هياجه (١٨). وظل العود الآلة كمان شهير في التاريخ، جلب فرقة من عازفي الكمان إلى بلاط كاترين وأشاع موسيقى الكمان. وفي عام ١٦٠٠ تبع أوتافيو رينوتشيني ماري مديسي إلى فرنسا، وأدخل فيها فكرة الأوبرا. وكان الغناء لا يزال الموسيقى المفضلة، وقد رأى الأب مرسين يحق أنه ليس في الطبيعة صوت يضارع جمال صوت المرأة (١٩).
واجتمعت الآن الموسيقى، والأدب، والسلوك المهذب، والحديث المثقف-لتؤلف كلها إضافة من أهم الاضافات التي أغنت بها فرنسا الحضارة-وهي الصالون. وكانت إيطاليا، الأم الراعية للفنون الحديثة، قد مهدت له باللقاءات المهذبة، كتلك المنسوبة لأوربينو في كتاب كاستليوني «رجل البلاط»، ومن إيطاليا انتقل الصالون إلى فرنسا-كما انتقل إليها الكمان، والقصر الريفي (الشاتو)، والباليه، والأوبرا، والزهري. وقد ولدت مؤسسة الصالون بفرنسا في روما (١٥٨٨) لجان دفيفون، السفير الفرنسي لدى البابا، وجوليا سافيللي إحدى وريثات أورسيني. وتلقت كاترين دفيفون تعليما لم تألفه الفتيات في القرن السادس