عشر. وحين بلغت الثانية عشرة تزوجت من شارل دانجين، وكان يشغل في عهد هنري الرابع ولويس الثالث عشر منصباً كبيراً يلقب بالمركيز رامبوييه. وشكت المركيزة الشابة من قصور لغة الحديث وآداب السلوك في فرنسا عنها في إيطاليا سلامة وتهذيباً، ولاحظت في استنكار ذلك الفصل بين الطبقات المفكرة-من شعراء وأدباء وعلماء-وبين النبلاء. وفي عام ١٦١٨ صممت لأسرتها «الأوتيل درامبوييه» في شارع سان-توما-دلوفر بباريس. وفي غرفة منه علقت لوحات من المخمل الأزرق حواشيها من الفضة والذهب. في هذا «الصالون الأزرق» الفسيح استقبلت المركيزة ضيوفها في ما أصبح أشهر صالون في التاريخ. وقد حرصت على أن تدعو إليه رجالا ونساء ذوي آداب متجانسة وميول متنوعة: نبلاء مثل كونديه الكبير ولاروشفوكو، وكنسين مثل ريشليو واوريه، وقواداً مثل مونتوسييه وباسومبيير، وسيدات من ذوي النسب العريق كالأميرة كونتي ودوقتي لونجفيل وروهان، وأديبات مثل مثل مدام دلافاييت ومدام دسفني والآنسة دسكوديري، شعراء مثل ماليرب وشابلان وجي دبالزاك، وعلماء مثل كونرار وفوجلا، وظرفاء مثل فواتور وسكارون. هنا وعظ بوسويه عظة وهو في الثانية عشرة، وقرأ كورني تمثيلياته. هنا تعلم النبلاء أن يهتموا باللغة والعلم والدرس والشعر والموسيقى والفن، وتعلم الرجال من النساء آداب المجاملة، وتعلم المؤلفون أن يخفوا غرورهم، والفقهاء أن يهذبوا فقههم، والتقى الظرفاء بذوي النسب، وناقش القوم الكلام الصحيح واكتسبوه، وأصبح الحديث فناً من الفنون.
وتناولت المركيزة هذه الأسد والنمر بلباقة قلمت مخالبها دون أن توجعها. ومع أنها ولدت سبعة أطفال، إلا أنها احتفظت بجمالها فترة كفت لإلهام فولتير وماليرب العاطفة المشبوبة، فكان الشاعران يلتهبان لكل ابتسامة ولكنها برغم ضعف صحتها ضربت لضيوفها المثل في البشاشة والذكاء المفعم بالحيوية، وبرغم فقدانها ولدين اختطفهما الموت وثلاث بنات