للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والملل المتعددة … والآراء المتنوعة، والقوانين المختلفة، والعادات الظريفة، تعلمنا أن نصدر الحكم السليم على نظائرها عندنا (٢٦) ". ثم بعد السفر يأتي التاريخ يحيط بأفضل العقول في خير العصور … فأي فائدة لا تجنيها … بقراءة "تراجم " بلوتارخ؟ (٢٧) " وأخيراً يجدر بالطالب أن يتلقى بعض الفلسفة- لا "جدليات المنطق الشائكة " بل الفلسفة التي تعلمنا كيف نعيش … وما يجب معرفته وما لا يجب، وما الشجاعة، والاعتدال، والعدل، وأي فرق بين الطموح والجشع، والرق والحرية، وما العلامات التي يتبين الرجل بها القناعة الصادقة الكاملة؛ وإلى أي حد يجب أن يخاف … الموت أو الألم أو العار .... إن الطفل القادم من الحضانة أقدر على تلقي (هذه الدروس) من تعلم القراءة والكتابة (٢٨) ".

وبعد أن أنفق مونتيني سبع سنين في كلية جيبن دخل الجامعة ليدرس القانون. وما من شيء كان أقل من هذه الدراسة تجانساً مع عقله المستطرد وحديثه الواضح. فهو لا يمل من إطراء العادة وذم القانون. وقد لاحظ في ابتهاج أن فرديناند الثاني ملك اسبانيا لم يبعث محامين إلى أمريكا الأسبانية مخافة أن يضاعفوا أسباب النزاع بين الهنود، وتمنى لو أنه منع الأطباء أيضاً مخافة أن يخلقوا بعقاقيرهم أمراضاً جديدة (١٩). وعنده أن شر البلاد ما استكثر من القوانين، وقدر أن بفرنسا منها "أكثر مما لدى بقية العالم ". ولم ير أي تقدم في نزعة القانون الإنسانية، وتساءل هل بين الهمج وحشية كتلك التي يمارسها القضاة ذوو العباءات، ورجال الكنيسة الحليقو الرؤوس، في غرف التعذيب بالدول الأوربية (٣٠). وافتخر بأنه "حتى اليوم (١٥٧٨؟) أنا بريء من جميع الدعاوى القانونية (٣١) ".

ب- صداقته وزواجه

ومع ذلك نجده عام ١٥٥٧ مستشاراً في محكمة الاعانات في بيريجو، وعام ١٥٦١ عضواً في برلمان بوردو- وهو المحكمة البلدية. وهناك لقى