للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفصيل المحب لها. لقد بحث عن حجر الفلاسفة ووجده مستكناً في مثانته. وكان يأمل أن ينزل هذا الحصى في نشوة من الحب، ولكنه بدلا من ذلك وجد أنه "يخونه إلى حد غريب (٥٧) " ويهدده بالعجز في غير أوانه. وقد عزى نفسه بقدرة يفخر بها، هي "أن أقبض مائي عشر ساعات كاملة (٥٨) وأن يظل على سرجه دون أن يناله الاعياء الشديد. كان بدينا قوياً، يأكل بنهم حتى كاد يعض أصابعه في شرهه. وقد أحب نفسه في لذة لا يعتريها الملل.

كان مغروراً بنسبه، وبشعار نبالته (٥٩)، وبثيابه الفاخرة، وبما نال من تشريف حين أصبح أحد فرسان القديس ميخائيل- وكتب مقالاً "في الغرور ". وهو ينسب لنفسه أكثر الرذائل، ويؤكد لنا إن كان فيه فضيلة فإنها تسللت إليه خلسة. ومع ذلك فإن لديه الكثير من هذه الفضائل: الأمانة، والطيبة، وروح الفكاهة، والاتزان، والرحمة، والاعتدال، والتسامح. وكان يقذف بالأفكار المتفجرة في الهواء، ثم يلقفها ويطفئها قبل أن تسقط. وفي عصر المذابح العقائدية توسل إلى إخوانه في الإنسانية أن يعتدلوا في تعصبهم هذا الجانب من المقتلة، وأعطى العالم العصري مثالاً من أول أمثلته في العقل المتسامح. ونحن نغتفر له عيوبه لأننا نشاركه فيها، ونجد تحليله لنفسه ساحراً لأننا نعلم أننا نحن الذين يروي هذه القصة عنهم.

ولكي يحسن فهم نفسه درس الفلاسفة. وقد أحبهم على الرغم من دعاواهم المغرورة بأنهم يحللون الكون ويرسمون مصير الانسان وراء القبر. ونقل عن شيشرون قوله "ما من شيء سخيف قيل إلا سبق أن قاله أحد الفلاسفة (٦٠). وقد امتدح سقراط لأنه "أنزل الحكم البشرية من السماء حيث طال ضياعها، ليردها إلى الإنسان من جديد (٦١) ". وردد نصيحة سقراط بدرس أقل العلوم الطبيعية، وأكثر للسلوك الإنساني. لم يكن له "مذهب " بعينه يدين به، فلقد كانت أفكاره في تطور دائم الحركة بحيث استحال على أي تسمية أن تقيد تحليقه الفلسفي.