الظلم ولم يأخذوا بتلابيب الآخرين " (٨٢). وقارن بين أخلاق الهنود وأخلاق فاتحي بلادهم، واتهم هؤلاء إن المسيحيين المزعومين … جلبوا عدوى الرذيلة لنفوس بريئة تواقة للعلم، طيبة بطبيعتها (٨٣) ". ونسي مونتيني لطفه لحظة فتفجر في غضبة مضرية للحق:
"ما أكثر المدن العامرة التي نهبت وسويت بالتراب، وما أكثر الأمم التي دمرت أو أقفرت من أهلها. وكم من ملايين لا تحصى من الناس الأبرياء من الجنسين، ومن جميع المراكز، والأعمار، قتلوا ونهبوا وأعمل فيهم السيوف؛ وأغنى بقاع الأرض وأجملها وأفصلها قلبت ظهراً على عقب وخربت وشوهت من أجل تجارة اللؤلؤ والفلفل! إيه أيتها الانتصارات الآلية، ويا أيها الغزو الوضيع! (٨٤) ".
أكان احترامه للدين مخلصاً؟ واضح أن تنقيبه في الكلاسيكيات قد قطعه منذ زمن طويل من تعاليم الكنيسة. لقد احتفظ بإيمان غامض بالله الذي تمثله آنا في الطبيعة، وآنا في روح الكون، ذلك العقل غير المفهوم للعالم. وهو أحياناً يحس إحساس لير في مسرحية شكسبير، "إن الآلهة تلعب بنا الكرة فتقذفنا علواً وسفلاً (٨٥) ". ولكنه يتهكم بالألحاد لأنه "شيء غير طبيعي وبشع (٨٦) "، ويرفض اللاأدرية باعتبارها نوعاً آخر من الجماطية، فأبى لنا أن نعرف أننا لن نعرف أبداً؟ (٨٧). وهو ينحي جانباً كل محاولات بذلت لتعريف النفس أو تفسير علاقتها بالجسد باعتبارها محاولات باطلة كلها غرور (٨٨). وهو راغب في قبول خلود النفس بالإيمان، ولكنه لا يجد دليلاً عليه في التجربة أو العقل (٨٩)؛ ثم أن فكرة الوجود الأبدي تروعه (٩٠). "لولا الإيمان لما صدقت المعجزات (٩١) "، وهو يسبق حجة هيوم المشهورة؛ "كم أجده أكثر طبيعية واحتمالا أن يكذب رجلان، عن أن تحمل الريح رجلاً في اثنتي عشرة ساعة من الشرق إلى الغرب (٩٢) "(ولعله كان باحثاً عن مثل آخر اليوم). وهو يسبق فولتير إذ يحكى قصة الحاج الذي حكم بأن المسيحية لا بد دين