للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشاهد المدينة. وفي ١٦٣٥ اشترى بمبلغ ٩٣ ألف فلورين ضيعة واسعة وقصراً إقطاعياً في مقاطعة ستين، تمتد ١٨ ميلاً، واتخذ لقب لورد ستين، وقضى الصيف هناك، ورسم المناظر الطبيعية وجرب يداه المتعددة المهارات في رسم أحداث الحياة اليومية. ووسط ضروب الترف والرفاهية، مع خادمات ثلاث وسائسين وثلاثة جياد، استمر يبذل أقصى الجهد في العمل، وهو يجد سعادته في أسرته وفي عمله، وأحبه زوجاته وأولاده ونصراؤه ومساعدوه لصفاء روحه وسخائه ومشاركته الوجدانية العطوفة (٥٥).

ويجدر بمن هم أقدر منا أن يحللوا المزايا الفنية في فنه، ولكنا نستطيع مطمئنين أن نصفه بأنه نموذج رئيسي لتصوير الباروك: أي اللون الحسي، والحركة التي لا تحصى، والخيال الخصيب، والزخرفة المنمقة المترفة، على عكس ما عرف في التصوير القديم من الهدوء وتقييد الفكر والحظ. ولكن في فوضى الجمال هذه، يقول النقاد بأن هناك براعة فائقة في التخطيط والتصميم وغذت صور روبنز مدرسة من الحفارين والنقاشين الذين صنعوا الطراز الأول من اللوحات المعروفة في أوربا المسيحية، كما فعل ريموندي مع رسوم رافائيل، ومن يد روبنز أو من مرسمه خرجت الرسوم المشهورة إلى نساجي الأقمشة المزركشة في باريس وبروكسل، وصنعوا هدايا ملكية أو زخارف للويس الثالث عشر وشارل الأول والأرشيدوقية إيزابل.

وشهد العقد الأخير من سني حياته نصراً مبيناً عكره انحطاط قواه الجسمية ولم يضارعه في شهرته الغنية سوى برنيني، ولم يحلم أحد بأن ينازعه تفوقه في الرسم وهرع إليه التلاميذ من كل الأنحاء، ووفدت إليه بعثات لبلاط من ست مماليك، حتى من الحاكم فردريك هنري عبر خطوط القتال. وفي ١٦٣٦ طلب إليه فيليب الرابع أن يرسم بعض مشاهد "متامور فوزس" للشاعر الروماني أوفيد لقصر الصيد في باردو. وأنجز مرسم روبنز خمسين صورة لهذه المجموعة، منها واحد وثلاثون مشهداً في متحف برادو، وبدا للكاردينال