للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دب في التجارة الهولندية بعض الفساد، والإدمان على الخمر، والبغاء، والإقبال على الميسر بجميع أشكاله (٩٥) إلى حد المضاربة بأسعار الزنبق المستقبلة (٩٦).

وكانت هارلم مركز زراعة الزنبق. وكانت الأبصال تستورد من إيطاليا وجنوب ألمانيا، حوالي نهاية القرن الخامس عشر؛ كذلك انتشرت الزهرة في باريس وصارت بدعة محببة ورمزاً للامتياز والسمو. حتى أنه في ١٦٢٣ رفض أحد الهواة اثني عشر ألف فرنك (٣٠ ألف دولار) ثمناً لاثني عشرة بصلة من الزنبق (٩٧). وفي ١٦٣٦ صار كل السكان تقريباً يضاربون في أزهار الزنبق وقامت أسواق خاصة يمكن لأي إنسان أن يشتري أو يبيع فيها محصولات الزنبق الحاضرة أو المستقبلة وكان للتوليب "انهياره" المالي ١٦٣٧، ففي تلك السنة بيعت نحو ١٢٠ زهرة توليب ثمينة في مزاد علني لمصلحة أحد ملاجئ الأيتام بمبلغ ٩٠ ألف فلورين.

وإلى هذا الجو البهيج جاء اللاجئون من فلاندرز وفرنسا والبرتغال وأسبانيا والتجارب الأجانب من نصف أمريكا المعمودة بتشكيلة مثيرة من الأساليب الغريبة الدخيلة، وضمت جامعات ليدن وفرانكر وهاردرفيك وأوترخت وجروننجن مشاهير علماء العالم، وأنجبت بدورها آخرين. فكان جوستوس لبسيوسي وجوزيف سكاليجر ودانبل هنسيوسي وجيرار فوسيوسي يعملون جميعاً في ليدن في النصف الأول من القرن من بداية افتتاحها (١٥٧٥ - ١٦٢٥) وما جاءت سنة ١٦٤٠ حتى كانت ليدن أشهر مركز للعلم والدرس في أوربا. وكانت نسبة معرفة القراءة والكتابة بين جمهور سكان المقاطعات المتحدة أعلى منها في أي مكان آخر في العالم. وكانت الصحافة الهولندية أول صحافة حرة. وكانت صحيفة "الأخبار " الأسبوعية في ليدن، وصحيفة "الجازيت" في أمستردام تقرآن في سائر أنحاء أوربا الغربية، لأنهما كانتا تتحدثان في حرية تامة، على حين كانت الصحافة في تلك الأيام في أية بقعة أخرى خاضعة لسيطرة الحكومة ورقابتها. وكانت الهشة تتولى أي ملك فرنسي يطلب كبح جماح أي صحفي هولندي أو وقفه عند حده، إذا علم أن هذا مطلب مستحيل تنفيذه (٩٨).

وكان رجال الأدب في هولندة كثيرين، ولكن كان من سوء حظهم