وبراندابرج والبالاتينات، ودوق برنزويك وكونت هس، يستخدمون جميعاً أرباب الكيمياء القديمة لصنع الفضة والذهب (٤٦). ومن هذه التجارب ومن الحاجة إلى علم المعادن وصناعة الصباغة، ومن إلحاح الطبيب الألماني باراسلوس على الدواء الكيمياوي، من هذا كله بدأ علم الكيمياء يتشكل. وكان أندريا ليبافيوس يمثل هذا الانتقال من "الخيمياء" إلى الكيمياء. وكان مؤلفه "الدفاع عن خيمياء تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة"(١٦٠٤) استمراراً للسعي وراء المطلب القديم، ولكن كتابه "الكيمياء"(١٥٩٧) كان أول رسالة منهجية في الكيمياء العلمية الحديثة. واكتشف باراسلسوس كلوريد القصدير، وكان أول من صنع سلفات الأومنيوم، وكان من أوائل من اقترح نقل الدم كعلاج. وكان معمله في كوبرج إحدى عجائب المدينة. ووضع جان بابتستافان هلمونت-وهو نبيل ثري أكب على العالم وصرف همه في تقديم الخدمات الطبية للفقراء-وضح اسمه بين مؤسسي الكيمياء بتمييز الغازات عن الهواء وتحليل أنواعها وتركيبها. ونحت لفظة "غاز" من اللفظة الإغريقية Chaos وحقق اكتشافات كثيرة في مجاله المختار، ابتداء من الغازات المتفجرة في البارود، إلى إمكانات الاشتعال في "ريح الإنسان"(٤٧) واقترح القلويات في علاج الحموضة المفرطة في الجهاز الهضمي. وأوصى يوهان جلوبر ببللورات سلفات الصوديوم للاستعمال كعلاج ممتاز من الظاهر أو من الباطن. ولا يزال "ملح جلوبر" يستخدم كملين. إن جوير وهلمونت كليهما اشتغل بالخيمياء (أو الكيمياء القديمة) كهواية.
وأسهمت كل هذه "العلوم الطبيعية" في تحسين الإنتاج الصناعي، وأدوات القتل في الحروب. وطبق الفنيون المعرفة الجديدة بالحركات والضغوط في السوائل والغازات، وتكوين القلوي، وقوانين التذبذب، ومسارات الإسقاط والقذف، وتنقية المعادن. واستخدم البارود في تفجير المناجم (١٦١٣) وفي ١٦١٢ اخترع سيمون ستورتفانث طريقة لإنتاج فحم "الكوك" لتخليصه