من العناصر المتطايرة. فهذا "الكوك" له قيمته وأهميته في صناعة المعادن، لأن شوائب الفحم العادي تضر بالحديد، وقد حل محل الفحم النباتي وأنقذ الغابات. وقلت تكلفة صناعة الزجاج، حيث عم استعمال الزجاج النوافذ في ذلك العصر. وبنمو الصناعة تضاعفت المخترعات الميكانيكية. لأنها كانت تعود إلى أبحاث العلماء أقل منها إلى مهارات الصناع الذين يتوقون إلى توفير الوقت. ومن هنا فأننا نسمع لأول مرة عن المخراط اللولبي في ١٥٧٨، وإطار الحبك والربط في ١٥٨٩. والمسرح الدائر في ١٥٩٧، وآلة درس القمح وقلم الحبر في ١٦٣٦.
وقام المهندسون آنذاك بأعمال فذة تستحق الإعجاب حتى في أيامنا هذه. فقد رأينا كيف أن دومنيكو فونتانا هز روما بإقامة مسلة في ميدان القديس بطرس. وابتدع ستفينوس مهندس موريس ناسو، نظام البوابات للتحكم في السدود-وهي حارسة جمهورية هولندا. واستخدم منفاخ ضخم في تهوية المناجم، والمضخات المعقدة في رفع المياه إلى أبراج لتضخ المياه إلى البيوت والنافورات في المدن مثل أوجزبرج وباريس ولندن وأنشئت قناطر ترووس على أساس القاعدة الهندسية البسيطة وهي أن المثلث لا يمكن أن يعدل شكله إلا يتغير طول أحد الجوانب. وفي ١٦٢٤ سارت غواصة تحت الماء لمسافة ميلين في نهر التايمز (٤٨). وتقدم جيروم كاردان وجامباتستا دللابورتا وسالومون دي كوز بنظرية الآلة البخارية خطوة إلى الأمام، وفي ١٦١٥ وضع كوز وصفاً لآلة لرفع الماء بفعل قوة تمدد البخار (٤٩).
ولم تكن الجيولوجيا قد ولدت بعد، حتى اللفظ نفسه لم يكن موجوداً؛ وكانت دراسة الأرض تسمى "علم المعادن" وجال النظر بعين الإجلال إلى قصة "الخلق" في التوراة دون المقامرة بالبحث في نشأة الكون. ورمي برنارد بالسي بالزندقة لإحيائه الفكرة القديمة التي تقول بأن الأحافير والمستحاثات ليست إلا بقايا متحجرة لكائنات ميتة. وغامر فيكارت بالقول