بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والصلاة والسلام على النبي الكريم
الحمدُ لله الموحي إلى عبده ما أوحى، من الأياتِ والأحاديثِ الشارحة لها شرحًا، المقيِّض لها جَهَابذَة نقادًا، لا تَعْرَى معهم ولا تَضْحَى، مصونةً بهِمْ عَنْ زَيْغِ مَنْ حَاوَلَ فيَها قدحًا، والصلاة والسَلامُ على مَن اصطفاه الَباري قديمًا لنبوته، فكان نبيًا وإن آدم لَمُجَدَّلٌ في طينته، متقلبًا في الساجدين إلى أن أظهره الله تعالى رحمة لخليقته، متدثِّرًا بأعباء رسالته، قامعًا كلَّ ماردٍ خارجٍ عن طريقته، محمدٍ الذي ما كان الكون إلا لكون حقيقته، وعلى آله الذين سبق لهم من الله تعالى التطهير، فكانوا في جميع العصور قادة لكل خير وخير، وعلى أصحابه المشمِّرين لإِظهار الحق غاية التشمير، حتى أبادوا ودمروا من خالفه أفظع إبادةٍ وشرَّ تدمير، والتابعينَ لهم فيما سلكوا من مناهج التبصير.
أما بعد: فقد منَّ الله تعالى على هذا العاجز الحقير الفقير، فضلًا منه ورحمة وإحسانًا على أهل التقصير بخدمة جامع الصحيح للإِمام الحجة أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الشهير، فجمعت في خدمته ما يَعْجزُ عن تحريره كل عالمٍ نحرير خبير، فجعلت عليه كالشرح قاصدًا به تعريف ما فيه من الرجال سندًا كان، أو مذكورًا في خلال المتن على أي وجه جاء ذكره في الخلال، محيلًا كل ما تكرر من الرجال على الحديث المعرف فيه بالنص لا بالاحتمال، كي لا يتريَّث الناظرُ في طلبه لالتماس المحال، آتيًا بما لهم من الأنساب والبلدان على أكمل حال، موضحًا ما فيه من المبهمات، عازيًا وَصْلَ ما