ذلك فنسب إليه لكونه بألفاظ الأذان، وترك ما كان فعله عمر؛ لكونه مجرد إعلام.
وقد تواردت الشراح على أن معنى قوله الأذان الثالث أن الأولين: الأذان، والإقامة، لكن نقل الداودي أن الأذان أولًا كان في سفل المسجد، فلما كان عثمان جعل من يؤذن على الزوراء، فلما كان هشام بن عبد الملك جعل من يؤذن بين يديه فصاروا ثلاثة، فسمى فعل عثمان ثالثًا لذلك.
وهذا الذي قاله مردود، وليس له فيه سلف وهو خلاف الظاهر فتسمية ما أمر به عثمان ثالثًا يستدعي سبق اثنين قبله، وهشام إنما كان بعد عثمان بثمانين سنة. واستدل البخاري بهذا الحديث أيضًا على الجلوس على المنبر قبل الخطبة خلافًا لبعض الحنفية، قاله في "الفتح" ورده العيني قائلًا: إن مذهبه هو ما ذكره صاحب "الهداية": وإذا صعد الإِمام على المنبر جلس وأذن المؤذنون بين يدي المنبر بذلك جرى التوارث واختلف في جلوس الإِمام على المنبر قبل الخطبة هل هو للأذان أو لراحة الخطيب، فعلى الأول يسن في العيد؛ لأنه لا أذان له، وعلى أن الأذان قبل الخطبة، وعلى أن الخطبة قبل الصلاة؛ لأن الأذان لا يكون إلا قبل الصلاة، وإذا كان يقع حين يجلس الإِمام على المنبر دلّ على سبق الخطبة للصلاة ودلّ على أن الذي يؤذن بين يدي الخطيب واحد.
ونقله ابن عبد الحكم عن مالك، ونص عليه الشافعي، ويشهد له حديث السائب الآتي قريبًا
"لم يكن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير مؤذن واحد". وروى ابن القاسم عن مالك ما يدل على التعدد، وحكاه الطحاوي. وعن أبي حنيفة وأصحابه ويشهد له ما في حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب يصلّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر -رضي الله عنه- ويجلس على المنبر ويؤذن المؤذنون.
[رجاله أربعة]
وفيه ذكر أبي بكر وعمر وعثمان، وقد مرّ الجميع، ومرّ ابن أبي ذيب في الستين من العلم، ومرّ عثمان في تعليق بعد الخامس منه، ومرّ السائب في الخامس والخمسين من الوضوء وأبو بكر بعد الحادي والسبعين منه في باب (من لم يتوضأ من لحم الشاة). أخرجه البخاري في الجمعة أيضًا عن أبي نعيم وأبو داود في الصلاة، وكذا الترمِذِيّ والنَّسائيّ وابن ماجه. ثم قال المصنف: