قوله: كان جدار المسجد، كذا في رواية مكيّ، ورواه الإسماعيليّ عن أبي عاصم عن يزيد بلفظ "كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ليس بينه وبين حائط القبلة إلا قدر ما تمر العنز" فتبين بهذا السياق أن الحديث مرفوع. وقوله: ما كادت الشاة تجوزها، وفي رواية "أن تجوزها" أي المسافة، وهي ما بين المنبر والجدار، واقتران خبر كاد بأن قليل، كحذفها من خبر عسى، فحصل التعارض بينهما، ثم إن القاعدة أن حرف النفي إذا دخل على كاد يكون للنفي، لكنه لإثبات جواز الشاة.
ومطابقة الحديث للترجمة، قيل: من جهة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقوم بجنب المنبر، ولم يكن لمسجده محراب، فتكون مسافة ما بينه وبين الجدار نظير ما بين المنبر والجدار، فكأنّه قال: والذي ينبغي أن يكون بين المصلّي وسترته، قدرُ ما كان بين منبره عليه الصلاة والسلام وجدار القبلة. وقيل: إنّ البخاري أشار بالترجمة إلى حديث سهل بن سعد المتقدم في بأس الصلاة على المنبر والخشب، فإن فيه أنه عليه الصلاة والسلام قام على المنبر حين عُمِل، فصلى عليه، فاقتضى ذلك أن ذكر المنبر يؤخذ منه موضع قيام المصلّي، ولا يعكر على هذا أن في ذلك الحديث أنه لم يسجد على المنبر، وإنما نزل فسجد في أصله، ويين أصل المنبر والجدار أكثر من ممر الشاة، لأنه يجاب عنه بأن أكثر أجزاء الصلاة قد حصل في أعلى المنبر، وإنما نزل عنه، لأن الدرجة لم تتسع لقدر سجوده، فحصل المقصود به. وأيضًا فإنه لمّا سجد