حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ.
والمراد بالشيء الذي يشير به المحجن المصرح به في الرواية الماضية، وفيه استحباب التكبير عند الركن الأسود في كل طوفة، واستحب الشافعي وأصحاب مذهبه والحنابلة أن يقول عند ابتداء الطواف واستلام الحجر باسم الله والله أكبر، اللهم إيمانًا بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-, وروى الشافعي عن أبي نجيح، قال: أخبرت أن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله! كيف نقول إذا استلمنا؟ قال:"قولوا: باسم الله، والله أكبر إيمانًا بالله، وتصديقا لإجابة محمد -صلى الله عليه وسلم-"، ولم يثبت ذلك كما قاله ابن جماعة، وصح في أبي داود والنسائي والحاكم وابن حبان في صحيحيهما أنه عليه الصلاة والسلام قال بين الركنين اليمانيين:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، قال ابن المنذر: لا نعلم خبرا ثابتًا عنه عليه الصلاة والسلام يقال في الطواف غيره.
ونقل الرافعي أن قراءة القرآن في الطواف أفضل من الدعاء غير المأثور، وأن المأثور أفضل منها سلمنا ذلك لكن لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام كما مرَّ عن ابن المنذر، إلا:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} , الآية، وهي قرآن، وإنما ثبت بين الركنين، وحينئذ يكون هو أفضل ما يقال بين الركنين، وبكون هو وغيره من القرآن أفضل من الذكر والدعاء في باقي الطواف إلا التكبير عند استلام الحجر، فإنه أفضل تأسيًا به عليه الصلاة والسلام، والصحيح عند الحنابلة أنه لا بأس بقراءة القرآن، وجزم صاحب "الهداية" في "التجنيس" بأن ذكر الله أفضل منها، وكرهها المالكية.