قديمٌ، وفيه استغراب العالم ما لم يصل إلى علمه، وعدم مبالاة الحافظ بإنكار من لم يحفظ، وفيه ما كان الصحابة عليه من التثبت في الحديث النبويّ، والتحرز فيه والتنقيب عليه، وفيه دلالة على فضيلة ابن عمر من حرصه على العلم، وتأسفه ما فاته من العمل الصالح.
وقوله:"فرَّطْتُ، ضيعت من أمر الله"، كذا في جميع الطرق وفي بعض النسخ "فرطت من أمر الله، أي ضيعت"، وهو أشبه، وهذه عادة المصنف، إذا أراد تفسير كلمة غريبة من الحديث ووافقته كلمة من القرآن، فسر الكلمة التي من القرآن.
وهذا الحديث والذي بعده مرت مباحثهما مستوفاة غاية الاستيفاء في باب "اتّباع الجنائز من الإيمان، من كتاب الإيمان, إلا ما يتعلق بألفاظ يسيرة منهما، وقد تكلمنا على ما ذكر منها في هذا الحديث، ونتكلم على ما جاء في الذي بعده. قال في "الفتح": وقد جاء هذا الحديث من رواية عشرة من الصحابة غير أبي هريرة وعائشة، فمن حديث ثوبان عند مُسلم والبَراء وعبد الله بن مغفل عند النَّسائي، وأبي سعيد عند أحمد، وابن مسعود عند أبي عُوانة، وأسانيد هذه الخمسة صحاح، ومن حديث أُبيّ بن كعب عند ابن ماجه، وابن عباس عند البيهقيّ في الشعب، وأنس عند الطبرانيّ في الأوسط, وواثلة بن الأسْقَع عند ابن عَدِيّ، وحفصة عند حميد بن زَنْجويه في أفاضل الأعمال، وفي كل من أسانيد هؤلاء الخمسة ضَعْف.
رجاله ستة قد مرّوا، مرَّ أبو النعمان في الحادي والخمسين من الإيمان, وأبو هريرة في الثاني منه، وابن عمر في أوله قبل ذكر حديث منه، ومرَّ جرير بن حازم في السبعين من أحاديث استقبال القبلة، ومرَّ نافع في الأخير من العلم، ومرت عائشة في الثاني من بدء الوحي.
أخرجه البخاريّ أيضًا، ومسلم وأبو داود والتِّرمذيّ والنَّسائيّ وابن ماجة. ثم قال المصنف: