قوله: عن أبي قتادة، اتفق الرواة عن مالك على أنه عن أبي قتادة، ورواه سهيل بن أبي صالح عن جابر بدل أبي قتادة، وخطّاه التِّرمذيّ والدارقطنيّ وغيرهما. وقوله: أحدكم المسجدَ، أي وهو متوضىء. وقوله: فليركع، أي فليصل من إطلاق الجزء وارادة الكل. وقوله: ركعتين، هذا العدد لا مفهوم لأكثره باتفاق، واختلف في أقله، والصحيح اعتباره، فلا تتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين، واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب، ونقل ابن بطال عن أهل الظاهر الوجوب، والذي صرح به ابن حزم عدمه.
ومن أدلة عدم الوجوب قوله -صلى الله عليه وسلم- للذي رآه يتخطى "اجلس فقد آذيت" ولم يأمره بصلاة، كذا استدل به الطحاويّ وغيره. وقال الطحاويّ أيضًا: الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها ليس هذا الأمر بداخل فيها، قال في الفتح: هما عمومان تعارضا, الأمر لكل داخل بالصلاة من غير تفصيل، والنهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة، فلابد من تخصيص أحد العمومين، فذهب جمع إلى تخصيص النهي وتعميم الأمر، وهو الأصح عند الشافعية، وذهب جمع إلى عكسه، وهو قول الحنفية والمالكية والحنابلة.
وقوله: قبل أن يجلس، صرح جماعة بأنه إذا خالف وجلس، لا يشرع له التدارك. وفيه نظر، لما رواه ابن حبّان في صحيحه عن أبي ذَرٍّ أنه دخل المسجد فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- "أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فاركعهما" ترجم عليه