سورة الإخلاص مكية. قلت: لعل هذا فهم من قوله في الحديث فلما أتاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يكون المراد إتيانه من مكة وإلا فلا إشعار فيه غير هذا وفيه ما يشعر بأن الذي ينبغي أن يكون الإِمام من أفضل القوم وقد مرّ مبوبًا له وفيه أن الصلاة تكره وراء من يكرهه القوم.
[رجاله ثلاثة]
وقد مرّوا، مرّ عبيد الله في الرابع عشر من الوضوء، ومرَّ ثابت البناني في تعليق بعد الخامس من العلم، ومرّ أنس في السادس من الإيمان وفيه ذكر رجل مبهم واختلف فيه فقيل إنه كلثوم بن الهِدْم بكسر الهاء وسكون الدال كما رواه ابن منده. وقيل كلثوم بن زهدم وقيل كرز بن زهدم ذكر الأقوال الثلاثة في "الفتح"، ثم قال: وأبعد مَنْ قال: انه قتادة بن النعمان جدًا وها أنا أذكر تعريف من عثرت على تعريفه من الجميع تتميمًا للفائدة فالأول كلثوم بن الهِدْم بكسر الهاء بن امرىء القيس بن الحارث بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي ذكر موسى بن عقبة وغيره من أهل المغازي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل عليه بقباء أول ما قدم المدينة، وقال بعضهم: نزل على سعد بن خيثمة، وقال الواقدي: كان نزوله على كلثوم وكان يتحدث في بيت سعد بن خيثمة؛ لأن منزله كان منزل القرآن وذكر الطبري وابن قتيبة أنه أول مَنْ مات من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة ثم مات بعده أسعد بن زرارة وأما كرز بن زهدم فقد قال في "الإصابة": ذكره الحافظ رشيد الدين بن العطار في حاشية المبهمات للخطيب وقال: هو الذي كان يصلي بقومه فيقرأ قل هو الله أحد الحديث، وفيه قوله: إنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأها وقرأت بخط شيخنا سراج الدين البلقيني أن اسم هذا كلثوم بن زهدم قال: ووهم مَنْ قال: كلثوم بن الهدم فإنه مات قديماً قبل هذه القصة فكأنه اعتمد على ما كتبه الرشيد العطار.
ولم أرَ تعريفًا لكلثوم بن زهدم هذا ولابد من تعريف قتادة وان استبعد في "الفتح" أن يكون هو صاحب القصة قائلًا: إن في قصة قتادة أنه كان يقرؤها في الليل يرددها ليس فيه أنه أمَّ بها لا في حضر ولا في سفر ولا أنه سئل عن ذلك ولا بشر فأقول: قتادة هو ابن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب وكعب هو طريف بن الخزرج بن مالك بن أوس الظفري الأنصاري يكنى أبا عمرو وقيل أبا عبد الله أخو أبي سعيد الخدري لأمه أمهما أنيسة بنت قيس البخّارية شهد بدرًا والمشاهد كلها وحكى ابن شاهين عن ابن أبي داود أنه أول من دخل المدينة بسورة من القرآن وهي سورة مريم. وأخرج البغوي وأبو يعلى أن عينه أُصيبت يوم بدر فسألت حدقته على وجنته فأرادوا قطعها فقالوا: لا، حتى نستأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستأمروه فقال: لا، ثم دعا به فوضع راحته على حدقته ثم غمزها وقال:"اللهم اكسه جمالًا" لا يدرى أي عينيه ذهبت فمات وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعد قال عمر بن عبد العزيز: كنا نتحدث إنها تعلقت بعرق فردها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال:"اللهم اكسه الجمال"، وروى الأصمعي أن رجلًا من ولد قتادة وفد على عمر بن عبد العزيز بديوان أهل المدينة