للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُدَيْبية سنة ست، أرسل إلى النجاشيّ سنة سبع في المحرّم عمرو بن أمية الضَمريّ، فأخذ كتاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فوضعه على عينيه، ونزل عن سريره، وجلس على الأرض تواضعًا، ثم أسلم، وكتب إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وأنه أسلم على يد جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. ولم يهاجر إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكان ردءًا للمسلمين نافعًا. وقصته مشهورة في المغازي في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإِسلام.

وأخرج أصحاب الصحيح قصة صلاته -صلى الله عليه وسلم-، صلاةَ الغائب عليه من طرف منها: رواية عطاء عن جابر، لما مات النجاشيّ، قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "قد مات اليوم عبد صالح يقال له أصحمه فقوموا فصلوا عليه .. " الخ قال الطبريّ: كان ذلك في رجب سنة تسع، وقال غيره: كان قبل الفتح، وروى ابن إسحاق عن عائشة: لما مات النجاشيّ كنا نتحدث أنه لا يزال على قبره نور.

وفي اسمه ستة ألفاظ: أَصْحَمَة بوزن أربعة، وحاؤه مهملة، وقيل معجمة، وقيل: إنه بموحدة بدل الميم، وقيل: صَحْمَة بغير ألف، وقيل كذلك لكن بتقديم الميم على الحاء، وقيل بزيادة ميم في أوله بدل الألف، والصحيح الأول.

والحديث أخرجه البخاري أيضًا في الجنائز، وأخرجه باقي الستة فيها أيضًا.

[الحديث التاسع]

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ. وَإِنَّ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَتَذْرِفَانِ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ.

وورد في علامات النبوءة بلفظ "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نعى زيدًا، وجعفرًا ... " الحديث قال: الزين بن المنير: وجه دخول قصة الأمراء في الترجمة، أن نعيهم كان لأقاربهم، وللمسلمين الذين هم أهلهم من جهة الدين. قوله: وإن عينيّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتذرِفان، أي بذال معجمة وراء مكسورة، أي تدفعان الدموع. وقوله: ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له، وفي رواية المغازي "حتى أخذها سيفٌ من سيوف الله حتى فتح الله عليه"، وفي حديث أبي قتادة "ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد، ولم يكن من الأمراء، وهو أمير نفسه، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره، فمن يومئذ سمي سيف الله". وفي حديث عبد الله بن جعفر "ثم أخذها سيف من سيوف الله، خالد بن الوليد، ففتح الله عليهم".

والمراد بقوله: "من غير إمرة" نفي كونه كان منصوصًا عليه، وإلا فقد ثبت أنهم اتفقوا عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>